الدكرورى يكتب عن الرسول في غزوة الطائف ” جزء 5″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
الرسول في غزوة الطائف ” جزء 5″
ونكمل الجزء الخامس مع الرسول في غزوة الطائف، وكان الذى صنع المنجنيق هو سلمان الفارسي وهو صحابي، وهو مولى للنبي صلى الله عليه وسلم، وأحد رواة الحديث النبوي، وهو أول الفرس إسلاما، وكان أصله من بلاد فارس، وقد ترك أهله وبلده سعيا وراء معرفة الدين الحق، فانتقل بين البلدان ليصحب الرجال الصالحين من القساوسة، إلى أن وصف له أحدهم ظهور نبي في بلاد العرب، ووصف له علامات ليتحقق منه، وقد اتفق سلمان الفارسى مع قوم من بني كلب لينقلوه إلى بلاد العرب، فغدروا به وباعوه إلى يهودي من وادي القرى، ثم اشتراه يهودي آخر من يثرب من بني قريظة، ورحل به إلى بلده، وعند هجرة النبي صلى الله عليه وسلم، إلى يثرب، سمع به سلمان الفارسى، فسارع ليتحقق من العلامات، فأيقن أنه النبي صلى الله عليه وسلم.
الذي يبحث عنه، فأسلم، وأعانه صلى الله عليه وسلم، وأصحابه على مُكاتبة مالكه، حتى أعتق، وكان بعد عتقه، أن شهد سلمان الفارسى مع النبي صلى الله عليه وسلم،غزوة الخندق، وهو الذي أشار على النبي صلى الله عليه وسلم، بحفر الخندق لحماية المدينة من قريش وحلفائها، ثم شهد مع النبى صلى الله عليه وسلم، باقي المشاهد، وبعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، شهد سلمان الفارسى الفتح الإسلامي لفارس، وتولى إمارة المدائن في خلافة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب إلى أن توفي في خلافة عثمان بن عفان، وكان فى غزو الطائف رغبة في إضعاف معنويات ثقيف، فقد أخذ المسلمون في تحريق نخلهم، فناشدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن يدعها لله وللرحم، فاستجاب لهم، ثم نادى منادي رسول الله.
” أيما عبد نزل من الحصن وخرج إلينا فهو حر” فخرج منهم بضعة عشر رجلا، فأعتقهم صلى الله عليه وسلم، ودفع كل رجل منهم إلى رجل من المسلمين ليقوم بشأنه واحتياجاته، وقد استمر الحصار أربعين يوما، وكان أهل الحصن قد أعدوا فيه ما يكفيهم لحصار سنة، مما اضطر صلى الله عليه وسلم، أن يرفع الحصار بعد استشارته لنوفل بن معاوية الديلي فأمر عمر بن الخطاب فأذن في الناس، إنا قافلون غدا إن شاء الله، فانتهى الحصار وعاد المسلمون إلى المدينة المنورة، فرحل الجيش وهم يقولون ” آيبون تائبون عابدون لربنا حامدون ” ونوفل بن معاوية بن عروة بن صخر الديلي الكناني، وهو من صحابة النبي صلى الله عليه وسلم، وقد أسلم وشهد معه فتح مكة، وقد نزل المدينة وتوفي فيها في عهد الخليفه يزيد بن معاوية.
وفى غزوة الطائف قد وصل الجيش الإسلامي العملاق إلى الطائف، وتوقع الجميع معركة هائلة بين هذا التجمع الضخم من المسلمين، وبين تجمع هوازن وثقيف في حصون الطائف في عقر دارهم، وكان الجيش الإسلامي بكامله موجودا في الطائف، ويبلغ اثني عشر ألفا، وتوقع الجميع معركة هائلة، ولكن رفض المشركون الخروج للحرب، واختاروا أن يمكثوا في حصونهم دون قتال، وإذا قرر أهل ثقيف وهوازن عدم الخروج فسيكون القتال صعبا للغاية، ولكنهم رفضوا مع أن عددهم وعُدتهم أضعاف المسلمين، ومع أنهم يقاتلون في بلادهم التي خبروها وبالقرب من مددهم، وفي ظروف اعتادوا عليها، ولكن الله تعالى ألقى الرهبة في قلوبهم، فما استطاعوا أن يأخذوا قرار الحرب مرة ثانية، واكتفوا بفضيحة حُنين، وكان فى ذلك الوقت نساء وأموال هوازن مع المسلمين.
ومع ذلك فضلوا ألا يخرجوا من حصونهم، وعدم السعي لاستخلاص هذه الأنعام، وهذه الأموال، وهذه النساء من أيدي المسلمين، وكاد المسلمون يدخلون داخل أسوار الطائف، لولا أن أهل الطائف فاجئوا المسلمين بإلقاء الحسك الشائك المُحمى في النار، وهو عبارة عن أشواك حديدية ضخمة أوقدت عليها النار حتى احمرّت فألقوها على المسلمين، وهذه كانت مأساة كبيرة على المسلمين، فقد أصيبوا إصابات بالغة دفعت المسلمين إلى العورار بحرق حدائق العنب حتى يدفع أهل الطائف إلى الخروج للقتال، وكانت هذه الحدائق كثيرة، وتحيط بالحصن، والنبي صلى الله عليه وسلم، لا يحرق هذه الأشجار، وهذه الأعناب بغرض التدمير، ولكن بغرض إجبار أهل الطائف على الخروج للقتال، وبدأ المسلمون في حرق كمية ضخمة من العنب.