أخبار سياسية - اقتصادية - فنية - رياضية - عربية - دولية

الرسول في غزوة الطائف ” جزء 1″

الدكرورى يكتب عن الرسول في غزوة الطائف ” جزء 1″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى

الرسول في غزوة الطائف ” جزء 1″

لقد انتصر المسلمون يوم حنين، ولم يحدث فيه قتال يذكر، ومع ذلك كان له من الآثار ما لا يحصى، فقد حدثت الفتوحات الإسلامية بعد أن تضاعفت قوة الجيش الإسلامي بشكل كبير خلال فترة زمنية قصيرة، فلم يكن هناك جيش عربي قبل الإسلام، بل كانت القبائل العربية تغزو بعضها البعض بطريقة عشوائية، لكن أهداف الإسلام العظيمة كانت بحاجة إلى تنظيم رباني عظيم لتحقيق الهدف الأهم الذي يسعى إليه الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو نشر الإسلام داخل وخارج الجزيرة العربية، وتقع الطائف غرب المملكة العربية السعودية وهي ضمن منطقة مكة المكرمة، وقد ذهب إليها النبي صلى الله عليه وسلم، ماشيا على الأقدام بعد أن رفضت قريش دعوته لهم لدخول الإسلام وقام أهلها بإيذائه، لكن أهل الطائف طردوه هو وزيد بن حارثة

الذي رافقه في رحلته، ومع ذلك فقد تركهم وهو يدعو الله تعالى أن يُخرج من أصلابهم من يعبد الله عز وجل، وبعد أن ازداد عدد المسلمين عاد النبي صلى الله عليه وسلم، بعد مرور أحد عشر عاما ومعه جيش جرار لتكون غزوة الطائف، وهذا هو وعد الله سبحانه وتعالى إذ قال فى كتابة الكريم “وتلك الأيام نداولها بين الناس، وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء والله لا يحب الظالمين” وإن غزوة الطائف تعد مثالا واضح للقوة العسكرية للجيش الإسلام وهذه الغزوة في الحقيقة امتداد لغزوة حنين، وذلك لأن معظم فلول هوازن وثقيف دخلوا الطائف مع قائدهم مالك ابن عوف النصري، وتحصنوا بها، فسار إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، بعد فراغه من حنين، وذلك في شهر شوال فى السنة الثامنه للهجرة، وكانت ثقيف لما انهزموا من حنين وأوطاس، تحصنوا بحصونهم المنيعة في الطائف، وكان من أهم الآثار من الغزوات التى خاضوها

أن المسلمين فقهوا جيدا حقيقة النصر في الإسلام، وعلموا تمام العلم أن المسلم الذي يعد العدة دون أن يرتبط بالله تعالى، فإن نصره بعيد، وثباته محال، وكان هذا الدرس من أبلغ الدروس التي تعلمها المسلمون في كل حياتهم السابقة، وقد رأينا فرار جيش هوازن بكل بطونها من أمام جيش المسلمين عندما عاد المسلمون إلى ربهم، وعادوا إلى الفقه السليم، فقد فرت جيوش هوازن، حتى وصلوا في فرارهم إلى مدينة الطائف، وقد فر معهم زعيمهم القومي مالك بن عوف النصرى، فقد ظل زعيمهم حتى بعد هزيمته في حنين، وبعد ذلك أخذ النبي صلى الله عليه وسلم، معظم الجيش، وذهب لحصار مدينة الطائف، وحرب جيش هوازن، واستغلال فرصة انهزام هوازن حتى يقابلهم في معركة فاصلة، لذلك لم يقسم رسول الله صلى الله عليه وسلم،غنائم حنين الهائلة إلا عندما ينتهي من قضية هوازن وثقيف، وتستقر الأوضاع.

ولقد كان بعد أن كتب الله تعالى النصر للمؤمنين في غزوة حنين، توجه رسول الله صلى الله عليه وسلم، في شوال فى السنة الثامنة من الهجرة، قاصدا الطائف يريد فتحها، وانتدب لتلك المهمة القائد خالد بن الوليد رضي الله عنه، حيث جعله على مقدمة الجيش، وطلب منه أن يسير أولا لمحاصرتها، وكانت قبيلة ثقيف وهم أهل الطائف قد حصنت مواقعها، وأعدت عدتها، وتهيأت للقتال، والدفاع عن أرضها، ولما وصل رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلى الطائف نزل قريبا من الحصن، وأقام معسكره فيه، فانتهزت ثقيف الفرصة، وأخذت توجه سهامها إلى معسكر المسلمين، فأصابت منهم اثنا عشر رجلا كان منهم عبدالله بن أبي بكر رضي الله عنه، الذي استشهد على أثر رمية أصابت منه مقتلا، ولقد استمر حصار النبي صلى الله عليه وسلم، للطائف قرابة أربعين يوما، وقد تخللها العديد من المناوشات بين المسلمين والمشركين.

وكان ذلك رغبة في إضعاف معنويات ثقيف، وقد أخذ المسلمون في تحريق نخلهم، فناشدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن يدعها لله وللرحم، فاستجاب لهم، ثم نادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم ” أيما عبد نزل من الحصن وخرج إلينا فهو حر” فخرج منهم بضعة عشر رجلا، فأعتقهم النبي صلى الله عليه وسلم، ودفع كل رجل منهم إلى رجل من المسلمين ليقوم بشأنه واحتياجاته، ولما طال الحصار، وأصيب عدد من المسلمين استشار الرسول صلى الله عليه وسلم بعض القوم، ثم قرر رفع الحصار والرحيل، فعن عبد الله بن عمرو قال “حاصر رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل الطائف، فلم ينل منهم شيئا، فقال صلى الله عليه وسلم ” إنا قافلون إن شاء الله، قال أصحابه، نرجع ولم نفتتحه، فقال لهم صلى الله عليه وسلم ” اغدوا على القتال” فغدوا عليه فأصابهم جراح، فقال لهم صلى الله عليه وسلم” إنا قافلون غدا “