الدكرورى يتحدث عن السيدة سارة بنت هاران ” جزء 3″
بقلم / محمــــد الدكــــرورى
السيدة سارة بنت هاران ” جزء 3″
ونكمل الجزء الثالث مع السيدة سارة بنت هاران، فقال لها نعم فقالت اذا لا يضيعنا، هكذا بكل بساطة، لا تحتاج المسألة لديها الى كثير استيضاح او تكرار اسئلة، ان الله تعالى امر بذلك فعليها ان تمتثل لامر الله وارادته، مع ثقتها بانه لا يضيعها ولا يخذلها، وهكذا يكون ايمان المرأة بربها تعالى، وهكذا تكون ثقتها به، ولقد تركت السيدة هاجر لنساء الامة درسا ايمانيا بليغا في كيفية الثقة بالله تعالى والتسليم المطلق له، وكيف يكون الصبر على البلاء والمصيبة وكيف يكون الرضا بقضاء الله تعالى سبيلا للدخول في جملة عبادة الصالحين، وهكذا هى المرأة المجاهدة، الصابرة التقية فليست حرية المرأة ان تكون ندا للرجل، وان تجعل امر حريتها تحديا تنتزعه من ايدي الرجال.
لقد وقع الناس في خلط عظيم في هذا المفهوم، والاسلام وضع نظاما خاصا محكما لمفهوم حرية المرأة وحقها في مجتمعات الرجال، وأوضح الدين الكريم ان المرأة ليست كالرجل فان لها طبيعتها الخاصة، ومشاعرها الخاصة، فعاملها من منطلق هذه الطبيعة وتلكم المشاعر، وجعل لها مطلق الحرية في ميادينها التي تستطيع بها ان تبدع وتساهم في قيام الحضارة، بل حظر على الرجل التدخل في اختصاصاتها تلك، مثل شهادة المرأة في الانساب والرضاعة، ففي هذه الامور تؤخذ شهادة المرأة على انها اقوى من شهادة الرجل، لانها اكثر معرفة واطلاعا منه بهذه الخفايا، ولقد ايقنت السيدة هاجر رضى الله عنها ان من وراء هذا الاختبار فرجا، ولكنها لم تكن تدري كيف السبيل.
وقد نأى عنها زوجها وتركها في مجاهل المكان النائي، فجلست تضم صغيرها الى صدرها وتدعو الله ان يغفر لها، وعندما ماتت السيده سارة قام الخليل إبراهيم عليه السلام الى أهل بلده وكلمهم قائلا “إن طابت نفوسكم بأن أدفن ميتي من ام وجهي، فإسمعوا لي وأسألوا لي عفرون بن سحر وهو حاكم المدينة الكنعاني، أن يعطيني مغارة المكفيلة التي له في طرف حقله في وسطكم، يعطيني إياها بثمنها الكامل لتكون لي ملك قبر” وتذكر بعض الروايات أن إبراهيم اشترى المكفلية من عفرون بربعمائة شاقل فضي، والشاقل هي العملة الكنعانية المتعامل بها في فلسطين في ذلك الزمن، وكان عفرون جالسا في وسط بني حث، فأجاب عفرون الحثي إبراهيم على مسامع بني حث.
أمام كل من دخل باب مدينته، قائلا “لا يا سيدي، إسمع لي، الحقل قد وهبته لك، والمغارة التي فيه أيضا وهبتها لك مني، على مشهد بني قومي وهبتها لك، إدفن ميتك” فشكره الخليل إبراهيم أمام أهل البلد، وكلم عفرون على مسامعهم قائلا “أسألك أن تسمع لي، أعطيك ثمن الحقل، فخذه مني فأدفن ميتي هناك” فأجاب عفرون إبراهيم وقال له “يا سيدي، إسمع لي أرض تساوي أربعمائة مثقال فضة، ما عسى أن تكون بيني وبينك؟ إدفن” فلما سمع الخليل إبراهيم ذلك منه، وزن له الفضة التي ذكرها على مسامع بني حث، أربعمائة مثقال فضة، مما هو رائج بين التجار، فحقل عفرون الذي في المكفيلة التي تجاه ممرا الحقل والمغارة التي فيه، وكل ما فيه من الشجر بجميع حدوده المحيطة به.
ذلك كله أصبح ملكا لإبراهيم بمشهد بني حث وكل من دخل باب مدينته، وبعد ذلك، دفن نبي الله إبراهيم سارة إمرأته في مغارة حقل المكفيلة تجاه ممرا، وهي حبرون، في أرض كنعان، وأصبح الحقل والمغارة التي فيه لإبراهيم ملك قبر من عند بني حث، وهي بنت الانساب والإشراف في اربد.