أخبار سياسية - اقتصادية - فنية - رياضية - عربية - دولية

السيدة سارة بنت هاران ” جزء 2″

الدكرورى يتحدث عن السيدة سارة بنت هاران ” جزء 2″

بقلم / محمــــد الدكــــرورى

السيدة سارة بنت هاران ” جزء 2″

ونكمل الجزء الثاني مع السيدة سارة بنت هاران، ورغم أنها أجمل نساء الأرض التى فتن فرعون بجمالها، كانت غيرتها تجعلها تتراجع كأى امرأة، وتخشى أن يهجرها إلى الزوجة الجديدة وينصرف عن محبتها إليها، لكنها قست على قلبها وأخرست وساوسها وطرحت على زوجها الفكرة بعد أن غادرها الأمل فى أن تكون أما يوما ما، إلا أن السيدة سارة العاشقة التى كانت أول من آمن بدعوته والزوجة الوفية التى هاجرت معه لينشر دعوته فى بلاد الله لم تتمكن من إسكات غيرتها طويلا، وما إن ظهرت معالم الحمل على السيدة هاجر حتى تجددت غيرتها فلما وضعت طفلها إسماعيل طلبت سارة من سيدنا إبراهيم أن يبعدها وابنها، ولأن الله يرى ويعلم ما بقلب سارة أمر الخليل إبراهيم.

بأن يذهب بالسيدة هاجر إلى مكة ويتركها هناك، ولبى إبراهيم أمر ربه، وقد حصل من غيرة السيدة سارة من السيدة هاجر هو من هذا الباب، فطلب الزوجة من زوجها أن لا ترى ضرتها أو أن لا تجاورها أمر غير مستنكر، مع أن الذي ذكره أهل العلم أن نبي الله إبراهيم عليه السلام هو الذي خرج بهاجر وابنه لا أن سارة زوجه طلبت منه ذلك، ويقال إن سارة اشتدت بها الغيرة فخرج إبراهيم بإسماعيل وأمه إلى مكة لذلك، ويدل عليه قول هاجر” يا إبراهيم أين تذهب وتتركنا بهذا الوادي الذي ليس فيه إنس ولا شيء ؟ فقالت له ذلك مرارا وجعل لا يلتفت إليها فقالت له أالله الذي أمرك بهذا ؟ قال نعم، قالت إذن لا يضيعنا ” رواه البخاري، ومضت السنوات حتى تخطت السيدة سارة التسعين من العمر.

وقد ارتضت بنصيبها من الدنيا ونست حلمها بالأمومة، إلا أن الله تعالي لم ينسى تلك الأمنية التى استقرت طويلا بقلبها وبشرت رسل الله إبراهيم بأنها ستنجب ولدا اسمه إسحاق ولما سمعت السيدة سارة حديث الرسل اندهشت كيف تنجب وهى عجوز عقيم، إلا أن الله لم يحقق أمنيتها وحسب وإنما جعلها أم الأنبياء وجعل أكثر الأنبياء فى ذرية إبراهيم منها، وبعد أن كانت عجوزا عقيما يئست من الأمومة والإنجاب أصبحت أما للأنبياء، زوجة النبى إبراهيم وأم النبى إسحاق أبو النبى يعقوب الذى ينحدر من نسله أنبياء بنى إسرائيل، وإن قصة السيدة سارة عليها السلام فيها درس عظيم لكل امرأة، سواء كانت مسلمة ام غير مسلمة فان شأن المرأة أن تكون ذات عفة وشرف.

وإن المرأة حينما تضع اخلاقها وأمر عفتها وشرفها في اولى سلم اهتماماتها، وتنأى بنفسها عن ان تقع فريسة لاصحاب الاغراض، فإن ذلك لا يتعارض بتاتا مع ممارستها لحرياتها وواجباتها في بناء المجتمع، بل على العكس، سيكون ذلك ادعى لتكون حرة في ممارسة ما تشاء من الاعمال بعيدا عن اعين ضعاف النفوس، واصحاب القلوب المريضة، وعندما عاد ابراهيم عليه السلام الى فلسطين كانت نفسه تتوق للولد، ولم يكن الله قد رزقه أي أولاد من زوجته السيدة سارة، ومن منطلق حرص المرأة على مشاعر زوجها وحسن تفهمها وادراكها للأمور، وحكمتها البالغة، وخلاصها لزوجها، رأت ان تختار له زوجة أخرى ينجب منها ما تحبه نفسه من الولد والذرية

فاختارت له أن يتزوج هاجر فتزوجها، وأنجب منها ابنه اسماعيل عليهما السلام، ثم ان الله تعالى امره بان يتركهما في وادي مكة، وذلك وحي القاه عليه في النوم، واستجاب الخليل لربه، وسافر بزوجته وفلذة كبده الذى عاش عمره يحلم به، وتركه في واد جاف قاحل لا كلأ فيه ولا ماء، وترك الخليل ابراهيم عليه السلام زوجته هاجر وابنه اسماعيل في هذا الوادي، وعينه تكاد تدمع من الحزن، وتناديه زوجته كيف تتركنا في هذا الوادي وحدنا؟ ولكنها تستدرك كلامها لانها كانت تثق بزوجها ثقة كبيرة، وكيف لا وهو ابو الانبياء وخليل الرحمن، فقالت له آلله امرك بهذا ؟ فقال لها نعم فقالت اذا لا يضيعنا، هكذا بكل بساطة، لا تحتاج المسألة لديها الى كثير استيضاح او تكرار اسئلة.