الدكرورى يكتب عن نبي الله نوح علية السلام ” جزء 22″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
نبي الله نوح علية السلام ” جزء 22″
ونكمل الجزء الثاني والعشرون مع نبي الله نوح علية السلام، وإن القرآن الكريم لم يخبر أن جميع الحيوانات التي كانت على ظهر الأرض يومئذ ، كانت معه في السفينة، وإنما كان معه من كل صنف منها زوجان اثنان، حيث قال الله تعالى فى سورة هود ” قلنا احمل فيها من كل زوجين اثنين” وقال الشوكاني رحمه الله، في تفسير هذه الآية، أي قلنا يا نوح، احمل في السفينة من كل زوجين، مما في الأرض من الحيوانات اثنين ذكرا، وأنثى، فإن نبى الله نوح عليه السلام لم يحمل جميع الحيوانات، وإنما حمل من كل نوع منها اثنين، ذكرا وأنثى، ليحصل التوالد والنسل منهما بعد ذلك، وأن الحيوانات الكبيرة الحجم ليست بالكثيرة جدا في عالم الحيوان، وعدد مثل هذا لا يحتاج إلى سفينة تصل إلى مئات الكيلومترات، ولن يوجد دليل يقول إن جميع الحيوانات التي يعرفها الناس اليوم.
الكبير منها والصغير، كانت موجودة على ظهر الأرض في زمن الطوفان، ليركب من كل من صنف منها زوجان في تلك السفينة، التي يفترض أنها لن تسع ذلك كله، وبأي دليل يمنع المانع من أن يكون الله تعالى قد خلق من الكائنات الحية، ما خلق، وأوجدها على ظهر الأرض، بعد زمن الطوفان، لا قبله؟ وإن من يستشكل ذلك يجب أولا أن يكون عنده تصور عن طبيعة الحياة في ذلك العصر، ومدى التنوع الحيواني وأماكن انتشار الحيوانات وهكذا، وهذا كله لا نملك عنه معلومات قاطعة وهي واقعة خارج التاريخ المعلوم للإنسان ، فالله وحده أعلم به، وقال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله تعالى، أن ربنا الذي خلق جميع المخلوقات، وأعطى كل مخلوق خلقه اللائق به، الدال على حسن صنعه من خلقه، من كبر الجسم وصغره وتوسطه، وجميع صفاته.
ثم هدى كل مخلوق إلى ما خلقه له، وهذه الهداية العامة المشاهدة في جميع المخلوقات، فكل مخلوق تجده يسعى لما خلق له من المنافع، وفي دفع المضار عنه، حتى إن الله تعالى أعطى الحيوان البهيم من العقل، ما يتمكن به من ذلك ثم إن في عالمنا المشاهد اليوم بعض الحيوانات تهاجر المسافات الطويلة، وتعود إلى أماكنها ولا تخطئها، وبدراسة قريبة الغور لعالم الأسماك، وعالم الطيور، وعالم الحيوان كله تقف من ذلك على ما يذهل العقل، ويحير اللبيب، ويدل الفطن على قدرة اللطيف الخبير، كيف تتعرف هذه الحيوانات على الطريق الصحيح لرحلاتها، وكيف تنتبه للتوقيت المناسب للرحلة وكيف، وكيف ؟ وإن الباحثون حاولوا الإجابة على هذه الأسئلة ؟ لكن الله سبحانه وتعالى قد أعطانا الجواب من قبل فقال تعالى فى كتابه العزيز فى سورة طه.
” قال ربنا الذى أعطى كل شئ خلقه ثم هدى ” ونعود ونذكر بما قلناه سابقا وهو أنه من أدرانا أن الله تعالى لم يخلق ما شاء من خلقه، في زمان معين، ومكان معين ابتداء ؟ ومن أين لنا العلم أن الله تعالى كان قد خلق جميع الكائنات الحية، قبل طوفان نبى الله نوح عليه السلام ؟ ثم إن هذه القصة، هي نفسها من الأدلة الواضحة على عظمة القرآن الكريم وأنه منزل من الله تعالى، وليس من قول البشر، وإن التوحيد الصادق لله عز وجل يقتضي توحيد رسله الذين حملوا هذه الأمانة للناس، وإن الإيمان وحدة لا تتجزأ، فإن الإيمان بالله تعالى هو إيمان بوحدانيته سبحانه وتعالى، ووحدانيته تقتضي وحدة الدين الذي ارتضاه للناس لتقوم حياتهم كلها كوحدة على أساسه، ويقتضي وحدة الرسل الذين جاءوا بهذا الدين من عنده، لا من عند أنفسهم، ولا في معزل عن إرادته ووحيه.
فلقد جاء الأنبياء والرسل الكرم عليهم الصلاة والسلام برسالة واحدة، وهي رسالة التوحيد لله عز وجل وإخلاص العبادة لله وحده واجتناب الشرك بالله، فقال الله تعالى فى كتابه الكريم فى سوررة النحل ” ولقد بعثنا فى كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت”وقال الله تعالى فى سورة الأنبياء ” وما أرسلنا من رسولا نوحى إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون” .