الدكرورى يكتب عن نبي الله نوح علية السلام ” جزء 16″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
نبي الله نوح علية السلام ” جزء 16″
ونكمل الجزء السادس عشر مع نبي الله نوح علية السلام، ثم أبحرت سفينة نبى الله نوح عليه السلام بهم عبر المياه المرتفعة، تدفعها الريح الشديدة مشكلة بذلك ما يشبه الجبال في علوها، وعظمتها، وقد روي عن ابن كثير أن طول الماء بلغ خمسة عشر ذراعا كما ورد عند أهل الكتاب، بينما ورد في رواية أخرى أنه بلغ ثمانين ذراعا، وأنه يشار إلى أن سفينة نبى الله نوح الله عليه السلام أنها كانت مصنوعة من الأخشاب، فقال الله عز وجل ” وحملناه على ذات ألواح ودسر” فقد بدأ نبى الله نوح الله عليه السلام صناعة السفينة بأمر الله عز وجل له، حيث جلب الأخشاب، وصنع من مادتها الألواح، ثم وضع الألواح بجانب بعضها، وثبتها بالدسر، أي المسامير، وكان قومه كلما مروا عليه يسخرون منه لصنعه السفينة على اليابسة.
وتجدر الإشارة إلى أن زوجة نبى الله نوح الله عليه السلام، وابنه كانا ممن تخلف عن ركوب السفينة بسبب كفرهم، وعصيانهم لنبيهم، حيث دعا نوح عليه السلام ابنه إلى ركوب السفينة قبل أن تبحر في المياه، وكانت دعوته لابنه لعدم يقينه من كونه أحد الكافرين الذين كتب الله عليهم الغرق في الطوفان ظاناً بعودته عن الكفر، وقيل إنه كان يأمل من ابنه أن يراجع نفسه فيلتحق بالمؤمنين في السفينة، ويترك الكافرين، إلا أنه رفض الاستجابة لنداء أبيه بالانضمام إليه، والتجأ إلى المعزل الذي ظن أنه سيحميه من الطوفان بعيدا عن أهل الإيمان معتقدا أنه سينجو، إلا أنه لا عاصم من أمر الله تعالى في هذا اليوم العصيب سوى من كتب الله له النجاة برحمته، ولقد كانت عقوبة قوم نبى الله نوح الله عليه السلام الذين كفروا الغرق بالطوفان بسبب خطاياهم.
ثم عقوبة النار في الآخرة، وبعد أن نجى الله تعالى نبيه نوحا عليه السلام، ومن معه، استوت سفينته على الجودي وهو جبل في الجزيرة كما روي عن مجاهد، وروي عن الضحاك أنه جبل في الموصل، وإنه استنادا إلى معظم المؤرخين والأكاديميين في مجال اللغات فإن التوراة التي تعتبر أقدم كتاب ديني قد ذكر قصة نبى الله نوح عليه السلام وهي في الحقيقة عبارة عن مجموعة من المخطوطات، قد كتبت من قبل العديد من الكتاب وليس من كاتب واحد أو مصدر واحد، وإنها على الأغلب قد جمعت في القرن الخامس قبل الميلاد، ونتيجة الاختلاف في المصادر فإن التوراة تظهر شخصيتين متناقضتين لنبى الله نوح عليه السلام فتارة نرى نبى الله نوح عليه السلام، كرجل زاهد اختاره الخالق العظيم ليخلص البشرية من الدمار.
وتارة أخرى نرى التوراة تصف نبى الله نوح عليه السلام كأول فلاح في البشرية وكان أول صانع للنبيذ، ويرى بعض المحللين إن هذا التناقض في وصف الشخصية قد يكون معناه أنه ربما حدث خطأ أثناء نقل الروايات وإن بطل قصة الطوفان قد يكون جد نوح واسمه بالعبرية أينوخ وبالعربية نوح وإن هناك احتمالا أن التشابه في العبرية بين اسمي نوح وآينوخ قد يكون سببا رئيسيا في هذا التناقض، وتشير الأبحاث الجيولوجية واستنادا إلى دراسة المتحجرات وطبقات علم الأرض إن هناك دلائل على حدوث فيضان في منطقة الشرق الأوسط في العصور القديمة ولكن الأبحاث لم تؤكد المعتقد الديني السائد أن الطوفان المذكور قد شمل جميع بقاع الأرض، وتشير دراسة المتحجرات إلى حدوث سلسلة من الفيضانات بين عامي أربعة ألاف إلى ألفين قبل الميلاد.
في ما كانت تسمى سابقا بلاد ما بين النهرين والتي كانت تشمل الأرض الواقعة بين نهري دجلة والفرات بما فيها أراضي تقع الآن في سوريا وتركيا والعراق، وأنه من المحتمل جدا أن يكون قصة الطوفان قد نشأت من إحدى هذه الفيضانات وتركت أثارا واضحة في كتابات وأساطير ومعتقدات هذه المنطقة في الشرق الأوسط، ويعتبر ملحمة جلجامش السومرية التي تم اكتشاف ألواحها الطينية من قبل البعض هو أول نص من الناحية التأريخية يذكر فيها قصة الطوفان في حين أن كثيرا من العلماء يعتقدون أن القصة تمت اضافتها إلى اللوح الحادي عشر من شخص استخدم قصة الطوفان الموجودة في ملحمة اتراحسيس، وفي الأسطورة يحاول الملك جلجامش الوصول إلى سر الخلود عن طريق الإنسان الوحيد الذي وصل إلى تحقيق الخلود.