الدكرورى يكتب عن نبي الله نوح علية السلام ” جزء 13″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
نبي الله نوح علية السلام ” جزء 13″
ونكمل الجزء الثالث عشر مع نبي الله نوح علية السلام، وقد خاطب نبى الله نوح الله عليه السلام قومه لأنهم أهله وعشيرته، وهم مظنة النصر والعون على الشدائد، فكان لا بد من استثارة مشاعرهم، وعواطفهم بتذكيرهم بحق القرابة عليهم، ثم بيّن نبى نوح الله عليه السلام لقومه حقيقة التوحيد بإثبات الألوهية لله عز وجل ونفيها عمن سواه، وأنه لا إله إلا الله، ولا مستحق للعبادة سواه، فهو الذي ينبغي أن تتعلق به القلوب وحده، وهو الذي يجيب المضطر إذا دعاه، ثم ذكر نبى الله نوح الله عليه السلام قومه بعذاب الله تعالى، الذي أعده لمن يكفر بدعوة أنبيائه، ثم دعاهم إلى الإيمان باليوم الآخر، وساق لهم الأدلة التي تثبت هذا اليوم، بذكر أحوال الناس قبل البعث، وانتقالهم من طور إلى آخر، فهم يبعثون من قبورهم التي انتقلوا إليها في الدنيا، إلى الحساب.
والوقوف على الصراط، فتكون الجنة مصيرهم إن هم آمنوا، أو النار إن هم جحدوا وقد رد قوم نبى الله نوح الله عليه السلام على دعوته باتهامه بالضلالة، وكان من نادى بهذا القول سادة القوم، وذوو الجاه، والسلطة، والمال، وهم الملأ الذين استكبروا عن قبول دعوة الحق، فرد نبى الله نوح الله عليه السلام على اتهامهم له بالضلالة بتذكيرهم أنه رسول من رب العالمين لا يريد لهم إلا الهداية إلى طريق الرشد والسداد، مرشدا إياهم إلى ما فيه سعادتهم، وراحتهم، إلا أنهم أبوا، وأوحى الله تعالى إلى نبيه نوح الله عليه السلام أنه لن يؤمن بدعوته سوى من آمن، ولن يؤمن غيرهم، وأمره سبحانه وتعالى أن يصنع السفينة، حتى إذا جاء أمر الله، فتحت السماء بماء منهمر، وفجرت الأرض عيونا، فالتقى الماء على أمر قَدره الله، ثم أمر نبيه نوح الله عليه السلام.
أن يركب مع من آمن معه في السفينة، ونجاهم بأمره، وأغرق الكافرين بالطوفان، وقد ذكر الله تعالى قصة نبى الله نوح الله عليه السلام في سور كثيرة من كتاب الله تعالى، فقد أخبرت سورة نوح بتمامها عن قصة نوح عليه السلام مع قومه، وكما جاء ذكر هذه القصة في كل من سورة الشعراء، والمؤمنين، وهود، والأنبياء، ويونس، والصافات، والعنكبوت، والأعراف، وسورة القمر، ويشار إلى أن نبى الله نوح الله عليه السلام قد تميز بصفات وخصائص عدة أهلته لأن يكون واحدا من أولي العزم من الرسل فقد لبث في قومه فترة طويلة يدعوهم إلى دين الله تعالى، متحملا في سبيل ذلك الأذى والمشقة، ومسخرا جهده كله للدعوة التي استخدم فيها شتى الأساليب حيث دعا قومه سرا وجهرا، وليلا ونهارا، ولم يؤثر في دعوته لهم ما لقيه من تسفيه، وأذى.
فهكذا كان نبى الله نوح عليه السلام أول رسول أرسله الله إلى أهل الأرض، وذلك بعدما تحولوا إلى عبادة الأصنام، وقد لبث نوح في قومه زمنا طويلا، يدعوهم إلى عبادة الله، ولكن هذه المرة لم تؤت ثمارها فيهم، فلم يؤمن برسالته إلا القليل منهم، فقال نبى الله نوح الله عليه السلام لقومه إني محذركم من عذاب، ومبين لكم طريق النجاة، فاعبدوا الله وحده، ولا تشركوا به شيئا، لأني أخاف عليكم إن عبدتم غيره أو أشركتم معه سواه، أن يعذبكم يوم القيامة عذابا شديدا، وقد استمر نبى الله نوح الله عليه السلام في دعوته محاولا إقناع قومه بأسلوب هين لين، ولكن لم تؤثر هذه الكلمات في نفوس القوم، بل ردوا عليه في عناد، وبعد أن ضاق نوح ذرعا بقومه لجأ إلى ربه، مستغيثا به مما يلاقي من قومه، ثم تابع نبى الله نوح الله عليه السلام مخاطبة قومه.
لافتا أنظارهم إلى قدرة الله عز وجل فوقهم، وأنه سوف يميتهم ثم يبعثهم يوم القيامة للحساب، وبعد كل هذا يتبين لنبى الله نوح الله عليه السلام أن هؤلاء سوف لا ينفعهم دعوة الله عز وجل، وإن تركوا متمادين في ضلالهم، أضلوا غيرهم عن الحق، ونشروا آثامهم، وانتقل فسادهم إلى ذريتهم بالوراثة، عندها دعا عليهم بأن لا يترك على الأرض منهم أحد، فاستجاب الله عز وجل، لدعاء نبى الله نوح الله عليه السلام وأراد سبحانه قبل أن يهلك القوم أن يهيئ له وللمؤمنين أسباب النجاة، فأمره عز وجل أن يصنع السفينة، وشرع نبى الله نوح الله عليه السلام في صنع السفينة، وبدأ قومه يستهزؤون به، بأنه قد تحول من داع إلى الله إلى نجار، وبعدما انتهى نبى الله نوح الله عليه السلام من صنع السفينة، وظهرت علامات بدء العذاب، وهي تفجر الماء من الأرض.