أخبار سياسية - اقتصادية - فنية - رياضية - عربية - دولية

نبي الله نوح علية السلام ” جزء 7″

الدكرورى يكتب عن نبي الله نوح علية السلام ” جزء 7″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

نبي الله نوح علية السلام ” جزء 7″

ونكمل الجزء السابع مع نبي الله نوح علية السلام، ولكن الشيطان خطا بهم خطواته، وزين لهم الأمر شيئا فشيئا، وسلك معهم سبيل التدرج حتى عبدوا التماثيل التي صنعوها لهؤلاء الرجال الصالحين، وتشبثوا بعد ذلك وأصروا على هذا الصنيع، ويشرح لنا ابن كثير رحمه الله تعالى تلك الخطوات الموصلة إلى عبادة الأصنام، وأن هذه التماثيل كانت لقوم صالحين ورجال محببِين إلى الناس، فلما ماتوا عكفوا حول قبورهم يزورونهم ويتذكرون كلامهم الطيب، وبمرور الزمن جاء جيل بعد الجيل الأول زين لهم الشيطان فكرة أن يصنعوا لهم صورا، ثم تطورت الفكرة إلى أن جعلوا تلك الصور تماثيل ثابتة أبقى من الصور، ثم بعد مجيء أجيال جديدة سلكوا سبيل التطور فعبدوا الأصنام من دون الله، ويقول ابن كثير رحمه الله، إن ودا، كان محببا في قومه

فلما مات عكفوا حول قبره في أرض بابل، وجزعوا عليه، فلما رأى إبليس جزعهم عليه تشبه في صورة إنسان، ثم قال إني أرى جزعكم على هذا الرجل، فهل لكم أن أصور لكم مثله فيكون في ناديكم فتذكرونه به؟ قالوا نعم، فصور لهم مثله، قال ووضعوه في ناديهم يذكرونه، فلما رأى ما بهم مِن ذكره، قال هل لكم أن أجعل في منزل كل واحد منكم تمثالا مثله ليكون له في بيته فتذكرونه قالوا نعم، قال، فمثل لكل أهل بيت تمثالا مثله، فأقبلوا فجعلوا يذكرونه به، قال وأدرك أبناؤهم، فجعلوا يرون ما يصنعون به، قال وتناسلوا ودرس أمر ذكرهم إياه، حتى اتخذوه إلها يعبدونه من دون الله، وبهذا تعمقت جذور الكفر، وتأصلت عبادة الأصنام في عقول وقلوب الناس بفعل الإضلال الشيطاني، ليتبين لنا أن زرع الأفكار وبناء العقائد أو تغييرها لا يمكن أن يتم فجأة أو دفعة واحدة وإنما يكون على مراحل وبتدرج، ولهذا كانت المهمة صعبة.

والظروف قاسية بالنسبة لنوح عليه السلام، فلقد ظل يدعو قومه ليلا ونهارا، وسرا وجهارا، ومكث بين قومه ألف سنة إلا خمسين عاما، ولقد كانت مراحل دعوة نبى الله نوح عليه السلام هى البدء بتوحيد الله عز وجل ونبذ عبادة الأصنام، ومواجهة الملأ الذين تصدوا لدعوته، وطول أمد الدعوة مما استدعى تنويع أساليبها وتدرجها من استعمال الرفق واللين والترغيب، ثم التأنيب والتوبيخ، ومواجهة ذلك منهم بالاستخفاف والاستهزاء والسخرية، وتعرضه عليه السلام للمساومة كي يطرد المؤمنين الفقراء، واليأس من إيمانهم بعد إخبار الله تعالى له والدعاء عليهم، ثم هلاك المكذبين، وقد بدأت مراحل دعوة نبى الله نوح عليه السلام، ولقد كانت المرحلة الأولى هي الدعوة إلى التوحيد، وقد سبق أن ذكرت أن أرض الدعوة كانت وثنية.

فالقوم يعبدون عدة آلهة، وقد وجدوا على ذلك آباءهم وأجدادهم، حتى كان الآباء يوصون أبناءهم بالتمسك بعبادة تلك الأصنام وعدم التخلي عنها، وعلم ذلك نبى الله نوح عليه السلام، وقد ذكر الرازي، وكان الرجل منهم ينطلق بابنه إليه، ويقول احذر هذا فإنه كذاب، وإن أبي أوصاني بمثل هذه الوصية، فيموت الكبير وينشأ الصغير على ذلك، ويقول الله تعالى فى كتابه الكريم فى سورة الأعراف ” فقال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره إنى أخاف عليكم عذاب يوم عظيم ” وهنا نتجه إلى سورة الأعراف، لنتعرف على بعض مراحل الدعوة، والتى كان أولها هو الدعوة إلى توحيد الله عز وجل، ويقول الرازي في الآية فوائد، وهو أنه عليه السلام أمرهم بعبادة الله تعالى، وأنه حكم أن لا إله إلا الله، والمقصود من الكلام الأول إثبات التكليف.

والمقصود من الكلام الثاني الإقرار بالتوحيد، وأنه حذرهم عذاب يوم عظيم، وهو إما عذاب يوم القيامة، وإما عذاب يوم الطوفان، وأما المرحلة الثانية، وهى رد الملأ ومواجهتهم، لما دعاهم إلى عبادة الله وحده، وخوفهم عذابه، فاتهموه بالضلال في بداية الأمر فقال تعالى ” إنا لنراك فى ضلال مبين” واتهموه بالجنون كما ورد في سورة المؤمنون ” إن هو إلا رجل به جنة فتربصوا به حتى حين ” ويقول الله تعالى في سورة القمر ” كذبت قبلهم قوم نوح فكذبوا عبدنا وقالوا مجنون وازدجر” واتهموه بالكذب كما في قوله تعالى فى سورة هود ” فقال الملأ الذين كفروا من قومه ما نراك إلا بشرا مثلنا وما نراك اتبعك إلا الذين هم أرازلنا بادى الرأى وما نرى لكم علينا من فضل بل نظنكم كاذبين ” وسخروا منه.