الدكرورى يكتب عن نبي الله نوح علية السلام ” جزء 6″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
نبي الله نوح علية السلام ” جزء 6″
ونكمل الجزء السادس مع نبي الله نوح علية السلام، وكان السبب الرئيسي هو الجهل، فكان جهلهم هو سبب وقوعهم في الشرك، فلو كانوا يعلمون أن الله وحده فقط هو الذي يستحق العبادة دون غيره، وأن كل هؤلاء البشر، وكل هذه المخلوقات هي عبيد الله تعالى لا تنفع ولا تضر فلا نرفعها فوق منزلتها، أو نقدسها، لما استطاع الشيطان أن يضلهم ويوقعهم في الشرك، وهكذا بدأ أول شرك على وجه الأرض، وجيلا بعد جيل نسي الناس عبادة الله وحده، وانتشر الشرك، وعكف الناس على تلك الأصنام، يصرفون إليها الطاعات، ويسجدون لها ويخضعون، يطلبون منها الرزق، ويرجون منها النفع ويلتمسون منها دفع الضر، ونسوا أن الله عز وجل هو الخالق الذي يستحق العبادة وحده، وهو الرازق الذي يرزقهم، وهو وحده الذي ينفع ويضر.
وقد استمرت هذه الحال سنوات وسنوات، حتى أذن الله سبحانه وتعالى وبعث إلى أولئك القوم نبيه نوحا عليه السلام ليرشدهم إلى الطريق، وينهاهم عن عبادة الأصنام، ويهديهم إلى عبادة الله تعالى، وكان نوح رجلا صالحا، وكان على الفطرة، مؤمنا لم يعبد الأصنام كما فعل قومه، وهكذا كل الأنبياء الذين أرسلهم الله عز وجل، فقد اصطفاه الله عز وجل واختاره ليكون رسوله في الأرض، فيدعو الناس إلى عبادة الله وحده دون سواه، وقد سمع نوح لربه وأطاعه، وخرج على قومه، وبدأ رحلة دعوته لهم كما أمره الله تعالى، فجاء لقومه وقال يا قوم، اعبدوا الله عز وجل وحده، ما لكم من إله غيره، وكان نبى الله نوح عليه السلام داعيا مجتهدا، عطوفا شفوقا يحب الخير لقومه، يدعوهم ليلا ونهارا، سرا وجهارا، وكان عليه السلام ينوع في دعوته
فمرة يخاطب عقولهم فينادي فيهم يا قوم، لا يستحق العبادة إلا الله عز وجل فهو الذي خلقكم ورزقكم، فكيف تعبدون آلهة لا تنفع ولا تضر، لا تسمع ولا تبصر؟ ألم تروا هذه السماء الواسعة، وهذا القمر المنير والشمس الساطعة، وتلك الجبال الشاهقة؟ فمن الذي خلقها؟ أليس الله عز وجل؟ ويقول لهم بل من الذي ينزل المطر من السماء وينبت الأرض، ويبعثكم بعد موتكم؟ إنه هو الله وحده فلا تعبدوا غيره، ومرة أخرى ينذرهم عذاب الله ويخوفهم إن لم تتركوا عبادة هذه الأصنام فسيعذبكم الله عذابا شديدا، ومع كل هذه المحاولات اختلفت ردات فعل قوم نوح عليه السلام، فلمست دعوته قلوب الضعفاء والفقراء، الذين شعروا برحمة الله عز وجل وعظمته فصدقوا نوحا عليه السلام، ورجعوا لعبادة الله وحده لا شريك له، وأما الأغنياء والأقوياء.
فاستهزؤوا بنوح وسخروا منه وتجبروا في الأرض، ولم يقبلوا إلا عبادة أوثانهم، وقالوا له بسخرية أنت بشر مثلنا ولم يؤمن بك إلا الحقراء والأرذال، فكيف تريدنا أن نتبعك؟ أتريدنا أن نتساوى مع هؤلاء الفقراء؟ ثم قال هؤلاء الأغنياء المتكبرون لنبى الله نوح عليه السلام، لو أردت أن نتبعك فاطرد هؤلاء الفقراء فيستحيل أن تضمنا دعوة واحدة، فرد عليهم نبى الله نوح عليه السلام بكل لطف وتذكير، لا أستطيع أن أطردهم أو أتخلى عنهم، كيف أطردهم وهم آمنوا بي، وساعدوني في دعوتي، بل من سيمنع عني عذاب الله لو طردتهم، وهكذا رفض هؤلاء المتكبرون الإيمان بدعوة نبى الله نوح عليه السلام واختاروا طريق الغواية واتباع الشيطان، ولما رأوا أن نبى الله نوح عليه السلام لم يتوقف عن دعوته بدؤوا يسيئون الأدب معه، ويظهِرون له العداوة.
بل وحتى توعدوه بالرجم، ومع ذلك كان نبى الله نوح عليه السلام صامدا قويا بإيمانه، لم يرهبه تهديدهم، وقد استمر في دعوته للناس سنين طويله، وهكذا فقد استمر نبى الله نوح عليه السلام في دعوته سنوات وسنوات، كبار يموتون وصغار يولدون ويكبرون، متخذين نفس طريق آبائهم وأجدادهم، من الضلال والكفر، وكذلك كبر نبى الله نوح عليه السلام في السن وأصبح شيخا، ولكنه لم يضعف، بل ظل ثابتا ثبات الجبال، قوي الإيمان، يحاول جهده ليؤمن به الناس، فكانوا يضربونه حتى يسقط، فيلقونه في قعر بيت، يظنون أنه قد مات فيخرج في اليوم الثاني ويدعوهم إلى الله عز وجل، وقد أرسل الله عز وجل نبيه نوح عليه السلام إلى قوم يعبدون الأصنام المتمثلة في تماثيل أو أوثان صنعها القوم لأناس صالحين، ولكن الشيطان خطا بهم خطواته.