الدكرورى يكتب عن نبي الله نوح علية السلام ” جزء 5″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
نبي الله نوح علية السلام ” جزء 5″
ونكمل الجزء الخامس مع نبي الله نوح علية السلام، وإن نبي الله نوح عليه السلام هو أول الرسل، وهو من أولي العزم الخمسة، وقد بعثه الله بعدما عبدت الأصنام، وحاد الناس عن التوحيد، ويقص علينا القرآن الكريم ما كان من قومه، وما نزل بمن كفر به من العذاب بالطوفان، وكيف أنجاه الله وأصحاب السفينة، وجاء فى كتاب البداية والنهاية لابن كثير، أن نبى الله نوح عليه السلام، هو نوح بن لامك بن متوشلخ بن خنوخ، وهو إدريس بن يرد، بن مهلاييل، بن قينن، بن أنوش، بن شيث، بن آدم أبي البشر عليه السلام، كان مولده بعد وفاة آدم، بمائة سنة وست وعشرين سنة فيما ذكره ابن جرير وغيره، وعلى تاريخ أهل الكتاب المتقدم، يكون بين مولد نوح، وموت آدم، مائة وست وأربعون سنة، وكان بينهما عشرة قرون، كما قال الحافظ أبو حاتم بن حبان.
وقد سماه أبوه نوحا قائلا “هذا يعزينا عن عملنا وتعب أيدينا من قبل الأرض التي لعنها الرب” وكان نوح رجلا بارا وكاملا وسار مع الرب مثل أخنوخ وهو نبى الله ادريس، وأعلن إيمانه المطلق بالله وكرز به وتعتبر ملحمة جلجامش السومرية التي تم اكتشاف ألواحها الطينية من قبل البعض أول نص من الناحية التاريخية يذكر فيها قصة الطوفان في حين أن كثيرا من العلماء يعتقدون أن القصة تمت إضافتها إلى اللوح الحادي عشر من شخص استخدم قصة الطوفان الموجودة في ملحمة اتراحسيس، الخلود وكان اسمه أوتنابشتم أو أتراحاسيس والذي يعتبره البعض مشابها جدا إن لم يكن مطابقا لشخصية نوح في الأديان الإبراهيمية، وكما يعتقد أن أسطورة ديوكاليون الأغريقية تتشابه إلى حد كبير مع شخصية النبى نوح عليه السلام.
وتتعلق الأساطير اليونانية بالعديد من حكايات السيول التي غطت الأرض بأكملها، وإن قصة نبي الله نوح، أبي البشر الثاني، وأول رسول أرسله الله للناس ليدعوهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له، تحكي عن عناد قومه وإصرارهم على الشرك، وكيف عذبهم الله عز وجل، ونجا نبيه نوح ومن معه، ولقد عاش أحفاد أبونا آدم عليه السلام في الأرض، وبدؤوا يتكاثرون وينتشرون، يعبدون الله عز وجل وحده لا شريك له كما علمهم أبوهم آدم، وقد حاول معهم الشيطان من جيل لجيل، أن يصرفهم عن عبادة الله، ولكنهم كانوا أقوياء بدينهم فلم يستمعوا له أو يطيعوه، ومع ذلك لم يمل ولم يستسلم، وأصر على أن يخرجهم من عبادة الله، ففكر في حيلة غريبة، مع أنها تأخذ وقتا طويلا فقد كان صبورا جدا، وهكذا الشيطان الخبيث يخطط ليغوي بني آدم.
وفي هذه الفترة كان هناك خمسة رجال صالحين وكانوا يعبدون الله عز وجل ويطيعونه، وكان الناس يحبونهم لطاعتهم لله، ويقتدون بهم، فلما مات هؤلاء الصالحون، جاء الشيطان إلى أتباعهم الذين كانوا يقتدون بهم، ووسوس إليهم أنِ اصنعوا تماثيل تشبه هؤلاء الصالحين، وسموها بأسمائهم، فكلما رأيتم هذه التماثيل تذكرتم هؤلاء الصالحين، فتتشوقون لعبادة الله كما كانوا يعبدونه، فكانت خطته الشريرة أن يبدأ بخطوة صغيرة أولا، وهي أن يجعلهم يصنعون الأصنام، وبعد ذلك يجعلهم يشركون بالله خطوة بخطوة، وبالتدريج وبدون أن يشعروا، ولذلك علينا أن نحذر من خطوات الشيطان فهو لن يقول لك لا تصلى، ولكن سيبدأ بخطوة صغيرة، كأن يقول لك لا بأس أن تؤخر الصلاة قليلا، ثم يوسوس لك لا بأس أن تنام وتصلي بعد أن تستيقظ.
ثم يأتي إليك فيقول أنت متعب، لماذا لا تجمع الصلاتين معا ويظل يوسوس يوما بعد يوم، حتى تقع في فخه، وتترك الصلاة نهائيا، ولذلك إذا وجدت الشيطان يوسوس لك بتلك الخطوات البسيطة فلا بد وأن نَستعيذ بالله منه، ونخالفه، ونسارع بالطاعة، حتى لا نقع في فخه، وبالفعل فقد وقَع هؤلاء القوم في الفخ، ولم ينتبهوا لخطوات الشيطان، وصنعوا التماثيل ولم يعبدوها في البداية، فلما مات هؤلاء أيضا جاء الشيطان لأبنائهم وجعل يخبرهم أن آباءهم كانوا يعبدون هذه الأصنام، وكانوا يستسقون بها المطر، فعبدوها، وهكذا نجح الشيطان في خطته، واستطاع بخبثه أن يجعل الناس ينصرفون عن عبادة الله إلى عبادة تلك الأصنام التي لا تضر ولا تنفع، وكان السبب الرئيسي هو الجهل، فكان جهلهم هو سبب وقوعهم في الشرك.