الدكرورى يكتب عن نبي الله نوح علية السلام ” جزء 4″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
نبي الله نوح علية السلام ” جزء 4″
ونكمل الجزء الرابع مع نبي الله نوح علية السلام، وكان للناس عجبا أن يتفجر ماء الطوفان من موقد النيران، ولكن كانت هي العلامة التي أوحي الله بها إلى نوح ليعلم أن ساعة القصاص قد حانت، وأن أمر الله قد نفذ في أعداء دينه فلما ظهرت العلامة ركبوا في السفينة، وأرسل الله تعالى، من السماء مطرا لم تعهده الأرض قبله ولا بعده كأنه أفواه القرب، وأمر الأرض فنبعت من جميع فجاجها وسائر إرجائها كما قال تعالى فى كتابه الكريم ” فدعا ربه أني مغلوب فانتصر، ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر، وفجرنا الأرض عيونا فالتقى الماء على أمر قد قدر، وحملناه على ذات ألواح ودسر، تجرى بأعيننا جزاء لمن كان كفر” وركب نوح ومن آمن معه في السفينة، وكانوا عددا قليلا في حدود الأربعين وقيل سبعة عشر ما بين رجل وامرأة، كما ورد في بعض الروايات، وأمر الله بأن يحمل معه في السفينة من كل حيوان وطير ووحش وغيره.
زوجين اثنين لئلا ينقرض فقال الله تعالى ” قلنا احمل فيها من كل زوجين اثنين وأهلك إلا من قد سبق عليه القول ومن آمن وما آمن معه إلا قليل ” وفي هذا الجو العجيب والوقت العصيب يتطلع نوح إلى ابنه كنعان الذي لم يركب مع إخوته الثلاثة، فيراه قد فر إلى جهة لم يكن قد وصلها الماء، فيناديه بعاطفة الأبوة وقلبه الرحيم ” يا بني اركب معنا ولا تكن مع الكافرين” ولكن الابن الجاحد المعاند لا يلبي دعوة الرحمة والحنان، ولا يجيب داعي الإيمان، بل يركب رأسه ويمضى في ركاب الشيطان قائلا ” سآوي إلى جبل يعصمني من الماء” ناسيا أن هذا ليس سيلا عاديا تصده التلال وتعصم منه الجبال والمرتفعات، إنما هو أمر الله وقدره النافذ الذي لا عاصم منه إلا رحمته لمن يشاء من عباده ” قال لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم وحال بينهما الموج فكان من المغرقين”
وهكذا يمضي الولد العاق، سائرا في غيه وضلاله مع الكفار الجاحدين حيث حلت عليهم النقمة وأدركهم الموت ” وقيل بعدا للقوم الظالمين” وكان نوح عليه السلام مطمئنتا إلى وعد الله له بالنجاة له ولأهله وللمؤمنين معه، وواثقا أيضا بمصير الظالمين ونهايتهم الأليمة، وأيقن حق اليقين أن الله قد استجاب دعاءه، وحينئذ تذكر نوح عليه السلام ابنه وتذكر قول الله له ” إنا منجوك وأهلك” فظن أن ابنه ممن كتبت لهم النجاة لأنه من أهله، ونسي الشرط الأساسي للنجاة وهو الإيمان بالله فلجأ إلى الله قائلا ” رب إن ابني من أهلي وإن وعدك الحق وأنت أحكم الحاكمين” فعاتبه الله عز وجل حيث قال سبحانه وتعالى ” يا نوح إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح فلا تسألنِ ما ليس لك به علم إني أعظك أن تكون من الجاهلين”
وعند ذلك تذكر وأناب وطلب من الله المغفرة والرحمة ” قال رب إني أعوذ بك أن أسألك ما ليس لي به علم وإلا تغفر لي وترحمني أكن من الخاسرين” وبعد أن انتهى الطوفان بعد أن غرق أهل الأرض في زمن نوح عليه السلام، ولم يبق إلا من آمن وركب السفينة، وكان انتهاء الطوفان بعد أن أمر الله تعالى السماء أن تكف المطر، وأمر الأرض تبتلع الماء الذي غمرها، وأن تعود الحياة كما كانت على ظهر الأرض، حيث كانت قد وصلت السفينة إلى جبل يسمى الجودي, فقال تعالى ” وقيل يا أرض ابلعي ماءك ويا سماء أقلعي وغيض الماء واستوت على الجودي وقيل بعدا للقوم الظالمين” وحين استقرت السفينة على الجودي وغاض الماء أمر الله نوحا ومن معه أن ينزلوا منها بسلام وأمان وبركات من العزيز الرحيم.
وهكذا كانت حياة نبى الله نوح عليه السلام مع قومه وبعد أن مكث وعاش زمنا وقرونا طويلة وهو يدعوهم إلى الله، وهي سنة الله التي لا تتبدل ولا تتحول، فأما المؤمنون فينجيهم الله برحمته جزاء إيمانهم وأما الكافرون المعادون فيكون عاقبة أمرهم خسرا، ويعد نبى الله نوح عليه السلام هو أحد أعظم أنبياء الأديان الإبراهيمية، وهو صاحب المعجزة الأشهر وهى الطوفان العظيم الذى أباد البشرية جميعا باستثناء الذين نجوا من الطوفان لاستعمالهم سفينة عملاقة اشتهرت باسم سفينة نوح، ونبى الله نوح نبي ورد ذكره في الكتب المقدسة لأتباع الديانات، وقد دعا قومه تسعمائة وخمسين سنة، وإن الاعتقاد السائد حسب الديانات السماوية هو أن نبى الله نوح عليه السلام هو الحفيد التاسع أو العاشر لآدم عليه السلام.