الدكرورى يكتب عن نبي الله نوح علية السلام ” جزء 2″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
نبي الله نوح علية السلام ” جزء 2″
ونكمل الجزء الثاني مع نبي الله نوح علية السلام، فليأتين بعض الأنبياء يوم القيامة ولم يستجب له أحد، ولا يغضب الداعي والناصح والآمر بالمعروف والناهي عن المنكر عند عدم الاستجابة له، فإنما عليه البلاغ، وهداية الناس إلى الله، فقال تعالى ” ليس عليك هداهم ولكن الله يهدى من يشاء ” وليثق المسلم بنصر الله، ويطمئن إلى وعد الله عز وجل، فالله تعالى لا يخلف الميعاد، وفي الحديث عن خباب بن الأرت رضى الله عنه قال، شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو متوسد بردة في ظل الكعبة، فقلنا ألا تستنصر لنا؟ ألا تدعو لنا؟ فقال صلى الله عليه وسلم ” قد كان من قبلكم يؤخذ الرجل فيحفر له في الأرض، فيجعل فيها، ثم يؤتى بالمنشار، فيوضع على رأسه، فيجعل نصفين، ويمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه وعظمه،
ما يصده ذلك عن دينه، والله ليتمن الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله والذئب على غنمه، ولكنكم قوم تستعجلون” رواه البخاري، وإن الله تبارك وتعالى بعث الأنبياء مبشرين ومنذرين ليبلغوا الناس مصالح دينهم ودنياهم فكانوا جميعا على دين الإسلام العظيم، وأول الأنبياءِ هو آدم عليه السلام ثم ابنه شيث ثم إدريس وكان البشر في زمانهم على الإسلام، ولم يكن بينهم كافر وإنما حدث الشرك والكفر بالله تعالى بعد وفاة نبى الله إدريس عليه السلام فقد كان من بين أتباعه خمسة رجال مسلمين صالحين يقال لهم، ودّ وسُواع ويغوث ويعوق ونسر، وكان الناس يحبونهم كثيرا، فلما ماتوا ظهر إبليس لعنة الله عليه للناس بصورة إنسان ليفتنهم عن دين الإسلام وأمرهم أن يعملوا تماثيل لهؤلاء الرجال الخمسة.
ثم لما طالت الأيام ظهر لهم مرة أخرى في وقت كثر فيه الجهل والفساد في الأرضِ وأمرهم أن يعبدوا هذه التماثيل وهى الأصنام الخمسةَ فأطاعوه وعبدوهم واتخذوهم ءالهة من دونِ الله تعالى، فصاروا كافرين مشركين، فأرسل الله نبيه نوح عليه السلام إلى هؤلاء الكفار فصار يدعوهم بالليل والنهار وفى السر والإجهار، بالترغيب تارة والترهيب تارة أخرى وظل هكذا ألفا إلا خمسين سنة لكن أكثرهم لم يؤمن بل استمروا على الضلال والطغيان ونصبوا له العداوة وكانوا يستهزئون به ويؤذونه ويضربونه ولا يتركونه حتى يُغشى عليه من شدة الضرب فيظنون أنه مات ثم يعافيه الله فيعود إليهم ليدعوهم إلى الإيمان من غير كلل ولا ملل، ثم إن الله تعالى أوحى إليه أنه سيرسل على الأرضِ طوفانا عظيما سيغرق المشركين وأمره أن يصنع السفينة.
فأقبل على عملِ السفينة وقيل فصنعها من شجرة نبتت يوم وُلد وكان طولها نحو ثلاثمائة ذراع وعرضها نحو ثمانين ذراعا، وجعل قومه يمرون به وهو في عمله ويسخرون منه وكانوا لا يعرفون السفن قبل ذلك ويقولون له يا نوح قد صرت نجارا بعد النبوة؟ فلما فرغ عليه السلام من عمله وجاء أمر الله صعد نوح عليه السلام إلى السفينة ومعه كل من ءامن من قومه ومن جملتهم أولاده الثلاثة سام وحام ويافث وزوجاتهم، أما ولده الرابع كنعان فكان من الكافرين، فدعاه إلى الإيمانِ وأن يصعد معهم السفينةَ فرفض وقال كما جاء فى سورة هود ” قال سآوى إلى جبل يعصمنى من الماء” فردّ عليه والده ” قَال لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم وحال بينهما الموج فكان من المغرقين ” وأوحى الله إلى نبيه نوح عليه السلام.
أنه لن يؤمن بك من قومك إلا من قد ءامن وقيل أنهم كانوا بضعة وثمانين شخصا، فلما علم نوح عليه السلام ذلك صار يدعو على الكفار ويقول كما جاء فى سورة نوح ” رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا” ومعناه لا تترك يا ربي أحدا من الكفار حيا على وجه الأرض، وأخذ نوح عليه السلام معه في السفينة من البهائم والطيور من كل نوع ذكرا وأنثى، ثم أمر الله تعالى الأرض أن تنبع ماءها فنبع الماء من جميع فجاجها مدة أربعين يوما ثم نزل المطر من السماء أربعين يوما فالتقَى ماء السماء على الماء الذى نبع من الأرض، ولولا ذلك لخرّب ماء السماء من قوته وضخامته الجبال وشقق الأرض لأنه نزل قطعا ضخمة ذلك الوقت ليس كالمطر الذي ينزل اليوم، وقد بلغ ماء الأرض الذي تحمل ماء السماء ارتفاعا عظيما.