الدكرورى يكتب عن معاوية بن أبى سفيان “جزء 6”
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
معاوية بن أبى سفيان “جزء 6”
نكمل الجزء السادس مع معاويه بن أبى سفيان مؤسس الدوله الأموية، وكان من فضائل معاويه بن أبى سفيان، هو ما قاله الخلال، أخبرني عبد الملك بن عبد الحميد الميموني قال قلت لأحمد بن حنبل أليس قال النبي صلى الله عليه وسلم “كل صهر ونسب فيقطع إلا صهري ونسبي”؟ قال بلى، قلت وهذه لمعاوية؟ قال نعم، له صهر ونسب، قال وسمعت ابن حنبل يقول ما لهم ومعاوية، وكان معاوية رضي الله عنه موضع ثقة النبي صلى الله عليه وسلم، فلذلك جعله من جملة الكتاب بين يديه صلى الله عليه وسلم الذين يكتبون الوحي له، فقد روى هشام بن عروة بن الزبير عن أبيه عن السيده عائشة رضي الله عنها أنها قالت “لما كان يوم أم حبيبة من النبي صلى الله عليه وسلم، دق الباب داق، فقال النبي صلى الله عليه وسلم “انظروا من هذ؟ قالوا معاوية”
قالوا ائذنوا له، فدخل وعلى أذنه قلم يخط به، فقال ما هذا القلم على أذنك يا معاوية؟ قال قلم أعددته لله ولرسوله، فقال جزاك الله عن نبيك خيرا، والله ما استكتبتك إلا بوحي من الله، وما أفعل صغيرة ولا كبيرة إلا بوحي من الله” وكذلك كان رضي الله عنه موضع ثقة الخلفاء الراشدين من بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، والحق أن معاوية كان أهلا لهذه الثقة، فلذلك ولاه عمر بن الخطاب رضي الله عنه الشام بعد وفاة أخيه يزيد بن أبي سفيان، ثم جاء بعد عمر عثمان بن عفان رضي الله عنهما فجعل معاوية واليا على الشام كله، وحسبك بمن ولاه عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان رضي الله عنهم، فقد كان معاوية رضي الله عنه أهلاً للإمارة والخلافة معا، ومن أجل هذه الأهلية ظل أميرا على الشام عشرين سنة.
وكذلك ظل خليفة للمسلمين ما يقرب من عشرين سنة فلم يهجه أحد في دولته بل دانت له الأمم، وحكم على العرب والعجم، وكان ملكه على الحرمين ومصر والشام والعراق وخراسان وفارس والجزيرة واليمن والمغرب وغير ذلك، وكانت سياسته حكيمه ورشيده، فقد قام بإنشاء الدواوين المركزية، فأنشأ ديوان الرسائل، وهو الهيئة المشرفة على تحرير رسائل الخليفة وأوامره وعهوده، وأيضا أنشأ ديوان الخاتم، وهو لتحقيق السرية والأمان لمراسلات الدولة، وكذلك أنشأ ديوان البريد، حيث أدخل نظام البريد إلى الدولة الإسلامية في دمشق، وكذلك أنشأ نظام الكتبة، وهو حيث عين كاتب لديوان الرسائل، وكاتب لديوان الخراج، وثالث لديوان الجند، ورابع لديوان، الشرطة وخامس لديوان القضاء.
وكان فى خلافته هو توطين الأمن في خلافته، فقام بعمل وظيفة الحاجب، حيث كان أول من اتخذ الحاجب في الإسلام، لكي يتجنب محاولات الاعتداء عليه، وكذلك وظيفة الحرس، وهو أيضا أول من اتخذ الحرس في الدولة الإسلامية، خوفا من الخوارج الذين يريدون قتله، وكذلك قام بإشاء الشرطة، وكانت وظيفتها المحافظة على الأمن والنظام، وكان لديه حسن اختيار الرجال والأعوان، وكذلك استخدام المال في تأكيد الولاء، واتباع سياسة الشدة واللين، وكما قام بإنشاء جهاز المخابرات، فى عهده حيث كانت الأجهزة الداخلية والخارجية في عهد معاوية قوية جدا، وما يدل على قوتها، هو اطلاعه على المراسلات التي بين الحسين وأهل العراق.
وكذلك علم قصة الأسير المسلم عند البيزنطين، الذي لطم على وجهه بين يدي ملك الروم وقول الأسير، وهو عندما قال وا إسلاماه أين أنت يا معاوية، ووصل الخبر عند معاوية، وكذلك كان لديه الاهتمام ببناء الجيش الإسلامي، وقد تولى معاوية بن أبي سفيان الشام بعد أخيه يزيد في زمن عمر بن الخطاب، ولم يزل بها متوليا حاكما إلى أن مات، ودام حكمه أربعون سنة منها في أيام عمر أربع سنين أو نحوها، ومدة خلافة عثمان، وخلافة علي بن أبي طالب، وابنه الحسن بن علي، وذلك تمام عشرين سنة، ثم استوثق له الأمر بتسليم الحسن بن علي بن أبى طالب، إليه في سنة واحد وأربعين هجرية، ودام له عشرين سنة، ومات في شهر رجب بدمشق، وله ثمان وسبعون سنة.