الدكرورى يكتب عن معاوية بن أبى سفيان “جزء 5”
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
معاوية بن أبى سفيان “جزء 5”
نكمل الجزء الخامس مع معاويه بن أبى سفيان مؤسس الدوله الأموية، وكانت شهادة الذهبي له حيث يقول وحَسبك بمن يؤمره عمر ثم عثمان على إقليم فيضبطه، ويقوم به أتم قيام، ويُرضي الناس بسخائه وحلمه، فهذا الرجل ساد وساس العالم بكمال عقله وفَرط حلمه وسعة نفسه، وقوه دهائه ورأيه، وهكذا يكاد ينعقد إجماع علماء الأمة من الصحابة والتابعين ومن تلاهم على الثناء على معاوية رضي الله عنه وجدارته بالخلافة، وحُسن سياسته وعدله، مما مكن له في قلوب الناس، وجعلهم يجمعون على محبته، ويقول ابن تيمية رحمه الله وكانت سيرة معاوية في رعيته من خيار سير الولاة وكانت رعيته تحبه، وقد ثبت في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم.
أنه قال “خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم، وتصلون عليهم ويصلون عليكم، وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم، وتلعنونهم ويلعنونكم” وقد ورد كثير من الأخبار بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم لمعاوية رضي الله عنه فقد روى الترمذي في فضائل معاوية رضي الله عنه أنه لما تولى أمر الناس كانت نفوسهم لا تزال مشتعلة عليه، فقالوا كيف يتولى معاوية وفي الناس من هو خير مثل الحسن والحسين؟ فقال عبد الرحمن بن أبي عميرة، وهو أحد الصحابة، لا تذكروه إلا بخير فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول “اللهم اجعله هاديا مهديا واهدى به ” رواه أحمد، وكانت صلاته رضي الله عنه أشبه بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم
فرُوي عن أبي الدرداء أنه قال ما رأيت أشبه صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم، من أميركم هذا، ويعني معاوية بن أبى سفيان، وكما ثبت في الصحيح أنه كان فقيها حيث يعتد الصحابة بفقهه واجتهاده، فقد روى البخاري في صحيحه في كتاب المناقب عن أبي مليكة قال أوتر معاوية بعد العشاء بركعة وعنده مولى لابن عباس، فأتى ابن عباس فأخبره، فقال دعه، فإنه قد صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي رواية أخرى قيل لابن عباس “هل لك في أمير المؤمنين معاوية فإنه ما أوتر إلا بواحدة، قال أصاب إنه فقيه، وقد كان لمعاوية رضي الله عنه، شرف قيادة أول حملة بحرية، وهي التي شبهها رسول الله صلى الله عليه وسلم بالملوك على الأسرَّة.
وعن أنس بن مالك رضى الله عنه، عن خالته أم حرام بنت ملحان قالت نام النبي صلى الله عليه وسلم يوما قريبا مني، ثم استيقظ يبتسم، فقلت ما أضحك؟ قال أناس من أمتي عرضوا علي يركبون هذا البحر الأخضر كالملوك على الأسرة، قالت فادع الله أن يجعلني منهم، فدعا لها، ثم نام الثانية، ففعل مثلها فقالت قولها، فأجابها مثلها، فقالت ادع الله أن يجعلني منهم، فقال أنت من الأولين، فخرجت مع زوجها عبادة بن الصامت غازيا أول ما ركب المسلمون البحر مع معاوية رضي الله عنه، فلما انصرفوا من غزوتهم قافلين فنزلوا الشام، فقربت إليها دابة لتركبها فصرعتها فماتت” رواه البخاري، وقد قال ابن حجر معلقا على رؤيا رسول الله صلى الله عليه سلم، قوله ” ناس من أمتي عرضوا عليَّ غزاة ”
ويشعر بأن ضحكه كان إعجابًا بهم، فرحا لما رأى لهم من المنزلة الرفيعة، وأيضا عن أم حرام بنت ملحان رضي الله عنها قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول “أول جيش من أمتي يغزون البحر قد أوجبوا” فقالت أم حرام قلت يا رسول الله أنا فيهم؟ قال أنتى فيهم، ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم “أول جيش من أمتي يغزون مدينة قيصر، أي القسطنطينية، مغفور لهم” فقلت أنا فيهم يا رسول الله؟ قال ” لا ” ومعنى أوجبو أي فعلوا فعلا ووجبت لهم به الجنة، وقال ابن حجر، ومن المتفق عليه بين المؤرخين أن غزو البحر وفتح جزيرة قبرص كان في سنة سبعه وعشرين من الهجره، في إمارة معاوية رضي الله عنه على الشام أثناء خلافة عثمان رضي الله عنه.