أخبار سياسية - اقتصادية - فنية - رياضية - عربية - دولية

معاوية بن أبى سفيان “جزء 4”

الدكرورى يكتب عن معاوية بن أبى سفيان “جزء 4”

معاوية بن أبى سفيان “جزء 4”

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

نكمل الجزء الرابع مع معاويه بن أبى سفيان مؤسس الدوله الأموية، وبعد مقتل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب تولى الحسن بن علي الخلافة فثار معاوية على الحسن وحاربه فما كان من الحسن إلا أن حقن دماء المسلمين وأقام عهدا مع معاوية ينص على أنه يبايع معاوية على مابايع المسلمون عليه أبابكر وعمر وان يسير بسيرتهم وان الأمر يعود للمسلمين لاختيار خليفتهم بعد وفاة معاوية وهذا ما لم يحدث، وبموجب ذلك العهد تسلم معاوية الحكم فأصبح خليفة المسلمين في دمشق عاصمة دولة الخلافة الإسلامية، وبعد استشهاد الإمام علي كرَّم الله وجهه سنة أربعين من الهجره، فقد تم الصلح بين معاوية والحسن بن علي بن أبى طالب، رضي الله عنهم وكان ذلك فى عام واحد وأربعين من الهجره، حيث تنازل بمقتضاه الحسن عن الخلافة وبويع معاوية.

 

 

 

 

 

ودخل الكوفة وبايعه الحسن والحسين سنة واحد وأربعين من الهجره، واستبشر المسلمون بهذه المصالحة التي وضعت حدا لسفك الدماء والفتن، وسموا هذا العام عام الجماعة، وهذه إشارة واضحة لرضا الناس عن خلافة معاوية رضي الله عنه واستقبالها استقبالا حسنا، فقد تولى الخلافة ووراءه تجربة طويلة في الحكم والإدارة وسياسة الناس، فولايته على الشام قبل الخلافة لمدة تزيد عن العشرين عاما، أكسبته خبرة كبيرة هيأت له النجاح في خلافته، والحقيقة أن معاوية رضي الله عنه كان يتمتع بصفات عالية ترشحه لأن يكون رجل الدولة الأول وتجعله خليقا بهذا المنصب الخطير، فيقول ابن الطقطقا وأما معاوية رضي الله عنه كان عاقلا في دنياه لبيبا عالما حاكما ملكا قويا جيد السياسة.

وكان معاويه أيضا حسن التدبير لأمور الدنيا عاقلا حكيما فصيحا بليغا، يحلم في موضع الحلم، ويشتد في موضع الشدة إلا أن الحلم كان أغلب عليه، وكان كريما باذلا للمال محبا للرياسة شغوفا بها، كان يفضل على أشراف رعيته كثيرا، فلا يزال أشراف قريش مثل عبد الله بن العباس، وعبد الله بن الزبير، وعبد الله بن جعفر الطيار، وعبد الله بن عمر، وعبد الرحمن بن أبي بكر، وأبان بن عثمان بن عفان، وناس من آل أبي طالب رضي الله عنهم يفدون عليه بدمشق فيكرم مثواهم، ويحسن قراهم ويقضي حوائجهم، ولا يزالون يحدثونه أغلظ الحديث ويجبهونه أقبح الجبه، وهو يداعبهم تارة، ويتغافل عنهم أخرى، ولا يعدهم إلا بالجوائز السنية، والصلات الجمة.

ويقول ابن الطقطقا واعلم أن معاوية رضي الله عنه كان مربي دول وسائس أمم، راعي ممالك، وقد ابتكر في الدولة أشياء لم يسبقه إليها أحد، وأما اليعقوبي والمسعودي فقالا وكان لمعاوية حلم ودهاء ومكر ورأي وحزم في أمر دنياه، وجود بالمال، وكان ثناء هؤلاء الثلاثة من المؤرخين على معاوية رضي الله عنه وحسن سياسته وإدارته لشئون الدولة، أمر له مغزاه وأهميته لما عُرف عنهم جميعا من ميول شيعية ملموسة، وأما إعجاب ابن خلدون به فيتمثل في قوله وأقام في سلطانه وخلافته عشرين سنة ينفق من بضاعة السياسة، التي لم يكن أحد من قومه أوفر فيها منه يدا، من أهل الترشيح من ولد فاطمة وبني هاشم، وآل الزبير وأمثاله

ويروي ابن الأثير في أسد الغابة عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه قال ما رأيت أحدا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، أسود من معاوية، فقيل له أبو بكر وعمر وعثمان وعلي؟ فقال كانوا والله خيرا من معاوية وأفضل، ومعاوية أسود، ويروي الطبري مرفوعا إلى عبد الله بن عباس قوله ما رأيت أحدا أخلق للملك من معاوية، إن كان ليرد الناس منه على أرجاء واد رحب، ويقول ابن تيمية فلم يكن من ملوك المسلمين ملك خيرا من معاوية، إذا نسبت أيامه إلى أيام من بعده، أما إذا نسبت إلى أيام أبا بكر وعمر ظهر التفاضل، وقيل أنه قد ذكر عمر بن عبد العزيزعند الأعمش فقال فكيف لو أدركتم معاوية؟ قالوا في حلمه، قال لاوالله، في عدله.