الدكرورى يكتب عن نبي الله هود علية السلام ” جزء 6″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
نبي الله هود علية السلام ” جزء 6″
ونكمل الجزء السادس مع نبي الله هود علية السلام، ويقول رب العزة سبحانه وتعالى فى كتابه الكريم ” وإلى عاد أخاهم هودا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره إن أنتم إلا مفترون ” وأنه كان بعد قوم نوح عليه السلام والطوفان، لم يكن هناك قلب واحد كافر فى الأرض، ومرت سنوات وسنوات، ومات الآباء والأبناء، نسى الناس وصية نبى الله نوح عليه السلام وعادت عبادة الأصنام وبخبث الشيطان عادت الأرض تشكو من الظلام مرة ثانية، وأرسل الله نبى الله هود عليه السلام إلى قومه، وكان هود عليه السلام من قبيلة اسمها “عاد” وكانت تسكن مكانا يسمى “الأحقاف” وكان قوم عاد أعظم أهل زمانهم فى قوة الأجسام والطول والشدة، وكانوا عمالقة وأقوياء ورغم ضخامة أجسامهم، كانت لهم عقول مظلمة كانوا يعبدون الأصنام فقال لهم هود عليه السلام.
” يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره، لم يسمع قوم هود إلى نبيهم وتلفتوا حولهم فوجدوا أنهم أقوى من على الأرض فأصابهم الكبرياء والعناد، وبدأ نبى الله هود عليه السلام يحدث قومه عن يوم القيامة وأفهمهم أن إيمان الناس بالآخرة ضرورة تتصل بعدل الله، مثلما هى ضرورة تتصل بحياة الناس، وذلك أن يوم القيامة هو اليوم الذى تعاد فيه جميع القضايا مرة أخرى أمام الخالق، ويعاد نظرها مرة ثانية ويحكم فيها رب العالمين سبحانه، وظل يحدثهم عن الإيمان ببعث الأجساد والوقوف للحساب، ثم تلقى الثواب والعقاب ودخول الجنة والنار، وحدثهم نبى الله هود عليه السلام بكل هذا ولكنهم كذبوه ” وقال الملأ من قومه الذين كفروا وكذبوا بلقاء الآخرة وأترفناهم فى الحياة الدنيا ما هذا إلا بشر مثلكم يأكل مما تأكلون منه ويشرب مما تشربون”
واستغرب قوم هود أن الله يبعث من فى القبور فقالوا “أيعدكم أنكم إذا متم وكنتم ترابا وعظاما أنكم مخرجون، هيهات هيهات لما توعدون، إن هى إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما نحن بمبعوثين” واستغربوا أن يعيد الله خلق الإنسان بعد تحوله على تراب، وظل الملأ يتساءلون أليس هذا النبى بشر مثلنا يأكل مما نأكل ويشرب مما نشرب بل لعله بفقره يأكل أقل مما نأكل، فكيف يدعى أنه على الحق ونحن على الباطل، فقال لهم نبى الله هود عليه السلام إن الله يهلك الذين كفروا مهما يكونوا أقوياء ، فقال له الكافرون ستنجينا آلهتنا، وأفهمهم نبى الله هود أن هذه الآلهة التى يعبدونها لتقربهم من الله، هى نفسها التى تبعدهم عن الله، أفهمهم أن الله هو وحده الذى ينجى الناس وأن أى قوة أخرى فى الأرض لا تستطيع أن تضر أو تنفع، وقد استمر الصراع بين نبى الله هود عليه السلام وقومه.
وكلما مرت الأيام زاد قوم هود استكبارا وعنادا وطغيانا وتكذيبا لنبيهم وبدءوا يتهمونه بأنه مجنون وقالوا له “وما نحن بتاركى آلهتنا عن قولك وما نحن لك بمؤمنين” بعد ذلك لم يعد يبق لنبى الله هود عليه السلام إلا التحدى، ولم يبق له إلا التوجه إلى الله وحده، وهو على يقين بأنه لا شىء يعجز الله، وبهذا الإيمان بالله والثقة بوعده يخاطب نبى الله هود عليه السلام الذين كفروا من قومه، وقد أعلن يخاطب نبى الله هود عليه السلام، براءته منهم ومن آلهتهم وأدرك أن العذاب واقع بمن كفر من قومه، فإن الله يعذب الذين كفروا مهما كانوا أقوياء أو أغنياء أو عمالقة، وانتظر نبى الله هود عليه السلام وقومه وعد الله، وبدأت الأرض فى الجفاف، ولم تعد السماء تمطر، وكانت الشمس تلهب رمال الصحراء وتبدو مثل النار التى تستقر على رءوس الناس، فذهب قوم نبى الله هود عليه السلام إليه.
وسألوه ما هذا الجفاف يا هود؟ فقال لهم إن الله غاضب عليكم، ولو أمنتم فسوف يرضى الله عنكم ويرسل المطر فيزيدكم قوة إلى قوتكم، وسخر منه قومه وزادوا فى العناد والسخرية، فزاد الجفاف ومات الزرع، وجاء يوم فإذا سحاب عظيم يملأ السماء وقد فرح قوم نبى الله هود عليه السلام وخرجوا من بيوتهم فرحين، ولكنه قد تغير الجو فجأة، من الجفاف الشديد والحر إلى البرد الشديد القارس، وبدأت الرياح تهب، وارتعش كل شىء الأشجار والنباتات والرجال والنساء والخيام، وارتعش الجلد واللحم والعظام، واستمرت الرياح ليلة بعد ليلة وفى كل ساعة كانت برودتها تزداد وبدأ قوم نبى الله هود عليه السلام يفرون ويختبئون فى الخيام فاقتلعت الخيام، واختبئوا تحت الأغطية فاشتد هبوب الرياح وتطايرت الأغطية، وكانت الرياح تمزق الملابس وتمزق الجلد وتنفذ من الجسد وتدمره.