الدكرورى يكتب عن نبي الله هود علية السلام ” جزء 2″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
نبي الله هود علية السلام ” جزء 2″
ونكمل الجزء الثاني مع نبي الله هود علية السلام، وعن أبي ذر الغفارى قال، قلت يا رسول الله كم الأنبياء؟ قال صلى الله عليه وسلم مائة ألف وأربعة وعشرون ألفا، قلت يا رسول الله كم الرسل منهم ؟ قال صلى الله عليه وسلم ثلاثمائة وثلاثة عشر جما غفيرا، قلت يا رسول الله من كان أولهم؟ قال صلى الله عليه وسلم آدم، قلت يا رسول الله نبي مُرسل؟ قال صلى الله عليه وسلم نعم خلقه الله بيده ونفخ فيه من روحه ثم سوَّاه قبلا، ثمَ قال صلى الله عليه وسلم يا أبا ذر أربعة سريانيون، آدم وشيث ونوح وخنوخ وهو إدريس وهو أول من خط بالقلم، وأربعة من العرب هود وصالح وشعيب ونبيك يا أبا ذر، وأول نبي من بني إسرائيل موسى وآخرهم عيسى، وأول النبيِين آدم وآخرهم نبيك ” وعلى ذلك يكون أربعة من الأنبياء عرب وهم هود وصالح وشعيب ومحمد صلى الله عليه وسلم.
أما في كتاب الله تعالى فقد ورد ذكر أسماء خمسة وعشرين نبيا ورسولا من أنبياء الله تعالى ورسله الكرام، وقد ذكر الله تعالى منهم ثمانية عشر في سورة الأنعام وحدها، وبقية الأسماء ذكرهم في عدة سور متفرقة، ومن أسماء الأنبياء الذين وردت أسماؤهم في القرآن الكريم آدم، إدريس، نوح، هود، صالح، إبراهيم، لوط، إسماعيل، إسحاق، يعقوب، يوسف، أيوب، شعيب، موسى، هارون، يوشع بن نون، ذو الكفل، داوُد، سليمان، إلياس، اليسع، يونس، زكريا، يحيى، عيسى، محمد، عليهم جميعا الصلاة والسلام، وتمثل قصص الأنبياء في القرآن الكريم منارات يهتدي بها المؤمنون عموما والدعاة منهم خصوصا في درب هذه الحياة، التي يسود فيها صراع الحق والباطل، والإيمان والشرك، والخير والشر، والفضيلة والرذيلة، وإن من القصص القرآني.
الذي يندرج تحت هذا المعنى هو قصة نبى الله هود عليه السلام، حيث ذكرت هذه القصة في سور متعددة من سور القرآن الكريم، تارة بصورة فيها بعض التفصيل، كما في سور الأعراف، هود، المؤمنون، الشعراء، الأحقاف، وتارة بصورة موجزة، كما في سور فصلت، الذاريات، القمر، الحاقة، الفجر، وقد سميت سورة كاملة بسورة هود، وقد تضمنت قصص عدد من الرسل عليهم السلام، وكان من بينها قصة نبى الله هود عليه السلام مع قومه، وقد قال ابن كثير، وقد ذكر الله تعالى قصتهم في القرآن الكريم في غير ما موضع ليعتبر بمصرعهم المؤمنون، وقد وقعت مجريات قصة نبى الله هود عليه السلام في منطقة اسمها الأحقاف، وهى جمع حقف، وهو الجبل من الرمل، وهي منطقة تعرف اليوم باسم الربع الخالي في أرض الجزيرة العربية، ما بين عُمان وحضرموت.
ونبى الله هود عليه السلام أرسله الله عز وجل إلى قوم عاد الذين كانوا يعيشون في الأحقاف ما بين اليمن وعمان، وقد عاشوا ردها من الزمن في حياة هنية ورغد من العيش، وقد حباهم الله سبحانه وتعالى نعما وافرة وخيرات جليلة ففجروا العيون، وزرعوا الأرض وأنشؤوا البساتين وشيدوا القصور، وخصهم الله عز وجل فوق ذلك كله بسطة في أجسامهم، وقوة في أبدانهم، وآتاهم ما لم يؤتى أحدا من العالمين، ولكنهم لم يفكروا في مبدأ هذا الخلق ولم يحاولوا التعرف إلى مصدر هذه النعم، وغاية ما وصلت إليه عقولهم وارتاحت إليه طباعهم أن اتخذوا أصناما لهم آلهة، يخضعون لها جباههم ويعفرون في ثراها خدودهم ويتوجهون إليها بالشكر كلما وقعوا على خير، ويفزعون إليها كلما أصابهم ضير، ثم إنهم بعد ذلك أفسدوا في الأرض.
فأذل القوي منهم الضعيف، وبطش الكبير بالصغير، فأراد الله عز وجل، هداية للأقوياء وتمكينا للضعفاء وتهذيبا للنفوس مما ران عليها وغطاها من الجهل، ورفعا للحجب التي تراكمت على بصائرهم أن يرسل إليهم رسولا من أنفسهم يحدثهم بلغتهم، ويخاطبهم بأسلوبهم، ويرشدهم إلى خالقهم، ويبين لهم سفاهة عبادتهم رحمة من الله عز وجل وكرما، وكان هو عليه السلام رجلا من أوسطهم نسبا، وأكرمهم خلقا، وأرجحهم حلما، وأرحبهم صدرا، فاختاره الله ليكون أمين رسالته، وصاحب دعوته، لعل الله يهدي به هذه العقول الضالة، ويقوّم هذه النفوس المعوجة، فصدع بالأمر، وتحمل الرسالة يدعوهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له، بعزم يقلقل الجبال، وحلم يهزم الجهال، وخرج عليهم منكرا أصنامهم ومسفها عبادتهم لها، فقال عليه السلام لهم ما هذه الأحجار؟ التي تنحتونها ثم تعبدونها وتلجؤون إليها؟ ما نفعها وما ضرها؟