أخبار سياسية - اقتصادية - فنية - رياضية - عربية - دولية

الرسول في غزوة تبوك ” جزء 8″

الدكرورى يكتب عن الرسول في غزوة تبوك ” جزء 8″

بقلم / محمـــد الدكــــرورى

الرسول في غزوة تبوك ” جزء 8″

ونكمل الجزء الثامن مع الرسول في غزوة تبوك، ويقول له قول الحق سبحانه وتعالى فى سورة التوبة “قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون، لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم” والمنافق يقول له، يا رسول الله صلى الله عليه وسلم، إنما لقطع الطريق وكنا نخوض ونلعب، وكان قبل أن يدخل النبي صلى الله عليه وسلم، المدينة أرسل اثنين من الصحابة وهما مالك بن الدخشم ومعن بن عدي ليحرقا المسجد الذي بناه المنافقون ليكون وكرا للتآمر والكيد بالإسلام والمسلمين, وهو ما يعرف في السيرة باسم مسجد الضرار, وقصة هذا المسجد أن أبا عامر الفاسق كان راهبا من أهل المدينة على دين النصرانية وكان يعلم أن هذا الزمان زمان نبي فترهب وتنسك أملا أن يكون هو النبي, ولما خاب ظنه وظهر دين الإسلام وجاء النبي صلى الله عليه وسلم، للمدينة ودعاه للإسلام فلم يقبل اللعين رغم علمه.

بصدق النبي صلى الله عليه وسلم، ثم خرج اللعين ولحق بهرقل بعد غزوة أحد ومكث عنده فترة يراسل المنافقين في المدينة يعدهم ويمنيهم وأمرهم بأن يبنوا مسجدا على غرار مسجد قباء ليكون مقرا للعمليات ضد الإسلام ووكرا للدسائس والإشاعات المغرضة وإثارة الشبهات على الإسلام والمسلمين، وقد انتهوا من بنائه قبيل الخروج لتبوك ودعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، للصلاة فيه حتى يعطوه الصبغة الشرعية والرسمية فلا يستطيع أحد أن ينكر عليهم بعدها ولكن الله عصم نبيه من الصلاة في هذا المسجد وأوحى لنبيه بحقيقة الأمر فأمر بإحراقه, واختيار مالك بن الدخشم من النبي صلى الله عليه وسلم، في منتهى الفطنة ذلك لأن الناس شكوا في مالك بن الدخشم وظنوه من المنافقين وهكذا أحبط الله كيد المنافقين، وكان بعد أن دخل النبي صلى الله عليه وسلم، والمسلمون المدينة.

جاءه المنافقون ليعتذروا عن تخلفهم عن الغزوة وحلفوا له كذبا فقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم، علانيتهم ووكل سريرتهم لله تعالى، وجاءه الثلاثة الذين خلفوا وكان أمرهم ما كان ورأى النبي صلى الله عليه وسلم، أبا لبابة وأصحابه وقد قيدوا أنفسهم في سواري المسجد وقد حلفوا ألا يفكوا أنفسهم حتى يتوب الله عليهم وكان من أمرهم ما هو معلوم أيضا، وأنزل الله سبحانه وتعالى، في هذه الغزوة كلها سورة كاملة في القرآن هي سورة التوبة أو الفاضحة للمنافقين وهى تقص علينا نفسية المنافقين وكيفية التعامل معهم وتفضح أساليبهم وكيدهم وأهدافهم الدنيئة, وكانت هذه الغزوة بحق خاتمة الغزوات النبوية، وقد قال ابن كثير، فعزم رسول الله صلى الله عليه وسلم، على قتال أهل الكتاب لأن هذه الآية هي أول الأمر بقتالهم بعد ما أذل الله المشركين، ودخل الناس في دين الله أفواجا، واستقامت جزيرة العرب.

وقد أمر الله ورسوله بقتال أهل الكتابين اليهود والنصارى، وكان ذلك في سنة تسعه من الهجرة، ولهذا تجهز رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، لقتال الروم ودعا الناس إلى ذلك، وأظهره لهم وبعث إلى أحياء العرب فندبهم، فأوعبوا معه، واجتمع من المقاتلة نحو من ثلاثين ألفا، وتخلف بعض الناس من أهل المدينة ومن حولها من المنافقين وغيرهم، وكان ذلك عام جدب، ووقت قيظ وحر، وخرج رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، يريد الشام لقتال الروم فبلغ تبوك، فنزل بها صلى الله عليه وسلم، وأقام بها قريبا من عشرين يوما، وقد ذكر المؤرخون أسباب هذه الغزوة فقالوا أنه وصلت الأنباء للنبي صلى الله عليه وسلم، من الأنباط الذين يأتون بالزيت من الشام إلى المدينة أن الروم جمعت جموعا وأجلبت معهم لخم وجذام وغيرهم من مستنصرة العرب.

وجاءت في مقدمتهم إلى البلقاء، فأراد النبي صلى الله عليه وسلم، أن يغزوهم قبل أن يغزوه، وقد وصلت أخبار الروم إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، في وقت صيف اجدبت في الأرض، واشتد فيه الحر، وقل فيه الماء، مما جعل الموقف مُحرج بالنسبة للمسلمين لكن النبي صلى الله عليه وسلم، لم يكن يملك حلا سوى مواجهة الروم رغم كل التحديات التي يعيشها المسلمون، وبطبيعة الحال أتى القرار الحاسم الذي لا رجعة فيه من النبي صلى الله عليه وسلم، بالخروج والزحف لمواجهة حشود الروم، فبدأ النبي صلى الله عليه وسلم، بإبلاغ قبائل العرب المجاورة وأهل مكة لاستنفارهم على الحرب وحثهم على الصدقات والدعم المادي للجيش الإسلامي، وفي هذا الوقت نزلت آية من سورة التوبة توصي المسلمين بالقتال والصمود، فكانت ردة فعل المسلمين تجاه قرار الرسول صلى الله عليه وسلم، سريعة وواضحة فقد تدفقت القبائل والأفراد والمقاتلون للمدينة.