الدكرورى يكتب عن منزلة عاشوراء فى الإسلام ” جزء 2″
بقلم / محمـــد الدكـــــرورى
منزلة عاشوراء فى الإسلام ” جزء 2″
ونكمل الجزء الثاني مع منزلة عاشوراء فى الإسلام، فعن بن جرير الطبري، عن الأسود أنه قال ما أدركت أحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان آمر بصوم عاشوراء من علي وأبي موسى، وقد روى عن عبد الرحمن بن عوف أنه أضحى يوم عاشوراء حتى ارتفع النهار ولا يعلم ثم علم بعد ففزع لذلك، ثم صام وأمرنا بالصيام بعد أن أضحى، ويُشرع صيام يوم عاشوراء ويوما قبله، وذلك مخالفة لليهود والنصارى، وذلك أنهم يصومونه منفردا، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم، يصومه منفردا ثم شرع صيام يوم قبله مخالفة لهم، وأن النبي صلى الله عليه وسلم، شرع صيام التاسع والعاشر، وذلك أن عاشوراء سمي بهذا الاسم لكونه العاشر من محرم، والتاسع يُسمى تاسوعاء.
وقد أمر ابن عباس بصيام التاسع للعلم بالعاشر، وهكذا كان فعل السلف من الصحابة وغيرهم، يصومون عاشوراء ويوما قبله، وقد ثبت هذا عن ابن عباس وابن سيرين وغيرهما، فقد كان محمد بن سيرين يصوم العاشر فبلغه أن ابن عباس كان يصوم التاسع والعاشر فصامهما، وعن بن عباس رضى الله عنهما، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول في يوم عاشوراء ” خالفوا اليهود وصوموا التاسع والعاشر” وأما صيام ثلاثة أيام عاشوراء ويوما قبله ويوما بعده فلا دليل صحيح فيه، ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم، قصد المخالفة، والمخالفة تحصل في صيام التاسع وحده، ولم يثبت عن أحد من الصحابة أنه صام الحادي عشر.
وعن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث أن عمر أرسل إلى عبد الرحمن بن الحارث مساء ليلة عاشوراء أن تسحر وأصبح صائما فأصبح عبد الرحمن صائما، ومما لا يشرع في هذا اليوم من الأعمال، هو جعله مأتما كما يفعله الرافضة، وموضعا للحزن، وهذا من أشد المنكرات، والجهالات في الإسلام، ولقد سئل شيخ الإسلام بن تيميه، عما يفعله الناس في يوم عاشوراء من الكحل والاغتسال والحناء، والمصافحة وطبخ الحبوب وإظهار السرور وغير ذلك إلى الشارع، فهل ورد في ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث صحيح ؟ أم لا ؟ وإذا لم يرد حديث صحيح في شيء من ذلك فهل يكون فعل ذلك بدعة أم لا ؟ وما تفعله الطائفة الأخرى من المأتم والحزن والعطش.
وغير ذلك من الندب والنياحة وقراءة المصروع وشق الجيوب، هل لذلك أصل ؟ أم لا ؟ فأجاب قائلا الحمد لله رب العالمين، لم يرد في شيء من ذلك حديث صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه ولا استحب ذلك أحد من أئمة المسلمين، لا الأئمة الأربعة ولا غيرهم، ولا روى أهل الكتب المعتمدة في ذلك شيئا لا عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا الصحابة ولا التابعين لا صحيحا ولا ضعيفا لا في كتب الصحيح ولا في السنن ولا المسانيد ولا يعرف شيء من هذه الأحاديث على عهد القرون الفاضلة، ولكن روى بعض المتأخرين في ذلك أحاديث مثل ما رووا أن من اكتحل يوم عاشوراء لم يرمد من ذلك العام.
ومن اغتسل يوم عاشوراء لم يمرض ذلك العام وأمثال ذلك، ورووا فضائل في صلاة يوم عاشوراء ورووا أن في يوم عاشوراء توبة آدم واستواء السفينة على الجودي ورد يوسف على يعقوب وإنجاء إبراهيم من النار وفداء الذبيح بالكبش ونحو ذلك، ورووا في حديث موضوع مكذوب على النبي صلى الله عليه وسلم ” أنه من وسع على أهله يوم عاشوراء وسع الله عليه سائر السنة ” ورواية هذا كله عن النبي صلى الله عليه وسلم، كذب وبهتان، فعليكم أن تصوموا هذا اليوم العظيم شكرا لله تعالى على نعمة إنجاء موسى ومن معه من بأس فرعون وجنوده، وأن تذكروا لله سبحانه وتعالى هذا الفضل العظيم، وأن تكثروا الصيام في هذا الشهر الكريم.
وأن تكثروا كذلك الذكر والطاعة فيه، وأن تعلموا أن بعض الناس يبتدع في يوم عاشوراء وفي هذا الشهر بدعا ما أنزل الله بها من سلطان ولم يأت بها رسول الله صلى الله عليه وسلم من عند الله تعالى، فعليكم أن تنزجروا عن تلك البدع وأن لا تشتغلوا بها، وأن تقتصروا على ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، يفعله فهو الخير لكم في هذه الحياة وبعد الممات، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان يأمر الأنصار بإمساك الطعام والشراب عن أطفالهم الصغار في هذا اليوم، وأن يشغلوهم باللعب، وذلك حض لهم على الصوم، فإذا كان الأطفال الصغار يشغلون عن الأكل والشرب في هذا اليوم باللعب فكيف بالكبار؟ فعلى الأصحاء والمرضى وغيرهم أن يلتمسوا الشفاء والعافية بصيام هذا اليوم احتسابا للفضل فيه عند الله سبحانه وتعالى.