الدكرورى يكتب عن منزلة عاشوراء فى الإسلام ” جزء 1″
بقلم / محمـــد الدكـــــرورى
منزلة عاشوراء فى الإسلام ” جزء 1″
إن شهر الله المحرم، هو شهر مبارك، وشهر كريم عظيم، ويجب أن نتقرب فيه إلى الله تعالى، بالطاعات، والصيام، وقراءة القرآن، ولكن وللأسف الشديد نجد أن البعض في هذا الشهر المبارك، شهر الله المحرم، يجاهر بالمعاصي، ويتباهى بها، ويترك الصلوات، ويقع في المحرمات، فيسمع الحرام، ويأكل الحرام، ويقع في الحرام، ويعين على الحرام، ونسى أن فى هذا الشهر العظيم المحرم، يوم عاشوراء، وما يدرى ما هو عاشوراء؟ ولو كان يعلم أن يوم عاشوراء يوم جليل القدر في الإسلام، وقد كان يصومه النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم قبل الهجرة وبعدها، وذلك شكراً لله على نعمته إذ نجا الله به نبيه موسى عليه السلام من فرعون
وقد حصل ذلك في شهر محرم، من اليوم العاشر منه، فد أنجى الله عز وجل، نبيه موسى عليه السلام، ومن معه، فما كان من موسى عليه السلام، إلا أن صام ذلك اليوم شكرا لله على فضله عليه، ويجب أن يكون هذا هو دوما سلوك المؤمن، الشكر في السراء والصبر، عند البلاء، وفي كل عام كان نبى الله موسى يصوم العاشر من شهر محرم، شكرا لله على نصره، واعترافا بفضله، وهذا أصل فضل هذا اليوم، وقد كان النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم يصومه في الجاهلية وكانت قريش بمكة واليهود بالمدينة يصومونه، ففي الصحيحين عن ابن عباس قال ” قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم، المدينة فوجد اليهود صياما يوم عاشوراء، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم.
” ما هذا اليوم الذي تصومونه؟ قالوا هذا يوم عظيم أنجى الله فيه موسى وقومه، وأغرق فرعون وقومه، فصامه موسى شكرا لله فنحن نصومه، فقال فنحن أحق وأولى بموسى منكم ” فصامه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمر بصيامه ” وكان لتأكيد فرض النبي صلى الله عليه وسلم، على صيامه قبل رمضان ثم نسخ لما فرض رمضان، وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال “حين صام رسول الله عاشوراء وأمر بصيامه، قالوا يا رسول الله إنه يوم تعظمه اليهود والنصارى، فقال ” فإذا كان العام المقبل إن شاء الله صمنا التاسع ” رواه مسلم، وقد قال ابن عباس رضى الله عنهما، فلم يأتى العام المقبل حتى توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم” وكان فرضه قبل رمضان.
وهذا ليس لصيام إلا لعاشوراء فلما فرض صيام شهر رمضان ترك النبي صلى الله عليه وسلم أمر الصحابة بصيام يوم عاشوراء مع تأكيده وحرصه على صيامه، فعن بن عمر قال “صام النبي عاشوراء وأمر بصيامه فلما فرض رمضان ترك ذلك” رواه البخارى ومسلم، وهذا دليل على نسخ الفرض وبقاء الاستحباب، ولقد بعث النبي صلى الله عليه وسلم من يبلغ الناس بصومه، وهذا لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم في صيام فريضة ولا نافلة إلا في عاشوراء ورمضان، فعن الربيع بنت معوذ قالت ” أرسل رسول الله غداة عاشوراء إلى قرى الأنصار التي حول المدينة فقال صلى الله عليه وسلم “من كان أصبح منكم صائما فليتم صومه، ومن كان أصبح منكم مفطرا فليتم بقية يومه”
فتقول فكنا بعد ذلك نصوم ونصوّم صبياننا الصغار منهم، ونذهب إلى المسجد فنجعل لهم اللعبة من العهن، فإذا بكى أحدهم على الطعام أعطيناه إياها حتى يكون عند الإفطار ” رواه البخارى ومسلم، وفي رواية أخرى ” فإذا سألونا الطعام أعطيناهم اللعبة نلهيهم حتي يتموا صومهم ” وقد جاء في فضل صيام يوم عاشوراء، تكفيره لذنوب سنة كاملة، فعن أبي قتادة أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم، عن صيام يوم عاشوراء فقال صلى الله عليه وسلم ” أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله ” رواه مسلم، وهو في هذا الفضل لا يقاربه من فضل صيام النوافل إلا صيام يوم عرفة، فهو يكفر سنة ماضية وباقية، ومن صام عرفة وعاشوراء جمع أسباب تكفير ذنوب العام الماضي.
وتأكد ذلك في حقه أكثر من غيره، مع الأجر المكتوب لذات العمل، كالاستغفار يكثر منه المذنب، والتوبة الصادقة تقبل باستغفار واحد، ولكن الشارع ذكر تكفير الذنوب بالاستغفار وصيام عرفة وعاشوراء، ولم يذكر غيره من الفضائل والعواقب الحميدة، لأن الذنوب هي سبب رفع الخير، وجلب البلاء، ولقد كان النبي صلى الله عليه وسلم، يتحرى صيامه أكثر من غيره، بل قرن تحريه بتحري رمضان فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال ” ما رأيت النبى صلى الله عليه وسلم، يتحرى صيام يوم فضله على غيره، إلا هذا اليوم، وهو يوم عاشوراء، وهذا الشهر، ويعنى شهر رمضان” رواه مسلم، وكذلك أيضا شدة حرص الصحابة على صيامه والأمر به، والخوف من فواته.