الدكرورى يكتب عن عُروة بن الزُبير “جزء 7”
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
عُروة بن الزُبير “جزء 7”
ونكمل الجزء السابع مع عُروة بن الزُبير، وكان ناصحا لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم، آمرا بالمعروف وناهيا عن المنكر، فإذا رأى الناس يجنحون إلى الترف، ويستمرئون النعيم يذكرهم بما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، من شظف العيش، وخشونة الحياة، وكان يقول رب كلمة ذل احتملتها أورثتني عزاء طويلا، ويقول أيضا إذا رأيت الرجل يعمل الحسنة فاعلم أن لها عنده أخوات، وإذا رأيته يعمل السيئة فاعلم أن لها عنده أخوات، فإن الحسنة تدل على أختها، وإن السيئة تدل على أختها، وكان الناس يذكرونه بالخير دائما، فيقول جرير بن عبد الحميد عن هشام بن عروة ما سمعت أحدًا من أهل الأهواء يذكر عروة إلا بخير.
وظل يعرف بين الناس بعلمه، وحسن أخلاقه وسخاءه حتى وافته المنية سنة أربعه وتسعين من الهجره، عن عمر يناهز السبعين عاما، وقيل أنه قد مات عروة بن الزبير رضي الله عنهما، في نهاية القرن الأول الهجري، واختلف في سنة وفاته، لكنها في العشر الأخيرة من هذا القرن، وقال هشام بن عروة بن الزبير، إن أباه مات وهو صائم، فلم يكن يفطر إلا أيام العيد والتشريق، فجعلوا يقولون له أفطر فلم يفطر، وهكذا قلقد برهن هذا الإسلام العظيم بما تزاحم في تاريخه الطويل من أبطال ورجال على جدارته الفذة في تقديم النماذج الصالحة للقدوة، وهم كثرة كثرة، وقد أشرق بهم تاريخ الإسلام وازدانت بهم عصوره، ولا يحتاج الإنسان لشيء سوى أن يفتح عينيه، ويقرأ ماحفظه التاريخ عن الأمة العظام في العلم والتقى والزهد والورع.
ولقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يحب صحابنة الكرام ويثنى عليهم دائما وإن من صور ذلك ما رواه أنس بن مالك رضي الله عنه، قال، خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الخندق، فإذا المهاجرون والأنصار يحفرون في غداة باردة، فلما رأى ما بهم من النصب أي التعب والجوع، فقال صلى الله عليه وسلم ” اللهم إن العيش عيش الآخر، فأغفر للأنصار والمهاجرة” فقالوا مجيبين له نحن الذين بايعوا محمدا على الجهاد ما بقينا أبدا” رواه البخاري، وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال “كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، يزوى الأنصار، فيسلم على صبيانهم ويمسح رؤوسهم ويدعوا لهم ” رواه النسائي، وعن أنس بن مالك رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال ” آية الإيمان حب الأنصار، وآية النفاق بغض الأنصار”
وعن أبي سعيد الخدري قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” حب الأنصار إيمان، وبغضهم نفاق” وعن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم ” لا يبغض الأنصار رجل يؤمن بالله ورسوله، أو إلا أبغضه الله ورسوله ” رواه الترمذى، وعن أبي سعيد قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “لا يبغض الأنصار رجل يؤمن بالله واليوم الآخر” ولقَب صلى الله عليه وسلم، أبا عبيدة بأنه، أمين الأمة، فقال صلى الله عليه وسلم ” وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح ” رواه البخاري، وقد روى عمر بن الخطاب رضي الله عنه « أن رجلا على عهد النبى صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم كَان اسمه عبد الله، وكان يلقب حمارا، وكان يضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم، قد جلده فى الشراب، فأتى به يوما فأمر به فجلد، فقال رجل من القوم، اللهم العنه، ما أكثر ما يؤتى به؟
فقال النبى صلى الله عليه وسلم ” لا تلعنوه، والله ما علمت أنه يحب الله ورسوله” رواه البخاري، وكان النبى صلى الله عليه وسلم، يدافع عن أصحابه الكرام ومن ذلك أن ابن مسعود رضي الله عنه، كان يجتني سواكا من الأراك، وكان دقيق الساقين، فجعلت الريح تكفؤه، أي تميله، فضحك القوم منه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “مما تضحكون” قالوا يا نبي الله، من دقة ساقيه، فقال صلى الله عليه وسلم ” والذى نفسى بيده لهما أثقل فى الميزان من أحد ” رواه أحمد، ولقد كان النبى صلى الله عليه وسلم، يشارك أصحابه الكرام فى السراء والضراء، وكان النبي صلى الله عليه وسلم، لا يأكل دون إشراك أصحابه معه، ولما صُنع له طعام في يوم معركة الخندق نادى في أصحابه قائلا ” يا أهل الخندق، إن جابر قد صنع سورا، أى طعاما دعا الناس إليه، فحى أهلا بكم “أى هلموا مسرعين” رواه البخارى، ولقد شبّه النبى الكريم صلى الله عليه وسلم المؤمنين في توادهم وتراحمهم بأنهم كالجسد الواحد، فما دلالة ذلك وأثره في خلق مجتمع قوي ومترابط؟