الدكرورى يكتب عن زكاة المجوهرات ” جزء 4″
بقلم / محمـــد الدكــــرورى
زكاة المجوهرات ” جزء 4″
ونكمل الجزء الرابع مع زكاة المجوهرات، والدليل على ذلك من القرآن الكريم قوله تعالى فى سورة التوبة ” والذين يكنزون الذهب والفضه ولا ينفقونها فى سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم ، يوم يحمى عليها فى نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون” وكذلك من السنة المطهرة ما ثبت في صحيح مسلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه قال ” ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي حقها إلا صفحت له يوم القيامة صفائح من نار فيكوى بها جنبه وجبينه وظهره كلما بردت أعيدت له في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة ثم يرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار”
فهذان النصان العظيمان من الكتاب والسنة يعمان جميع أنواع الذهب والفضة ويدخل في ذلك أنواع الحلي من الذهب والفضة، ومن استثنى شيئا فعليه الدليل المخصص لهذا العموم لو لم يرد إلا العموم في هذه المسألة، فكيف وقد ورد في هذه المسألة بعينها أحاديث صحيحة دالة على وجوب الزكاة في الحلي، منها ما أخرجه أبو داود والنسائي بإسناد صحيح عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن امرأة دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم، وفي يد ابنتها مسكتان من ذهب، فقال النبي صلى الله عليه وسلم “أتعطين زكاة هذا؟ قالت لا، قال أيسرك أن يسوّرك الله بهما يوم القيامة سوارين من نار فألقتهما وقالت هما لله ولرسوله ”
وقد روى أبو داود بإسناد جيد عن أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها أنها كانت تلبس أوضاحا من ذهب فقالت يا رسول الله أكنز هو؟ فقال صلى الله عليه وسلم ” ما بلغ أن تؤدّى زكاته فزكي فليس بكنز” ففي هذا الحديث فائدتان جليلتان، إحداهما أن اشتراط النصاب وأن ما لم يبلغ النصاب فلا زكاة فيه، ولا يدخل في الكنز المتوعد عليه بالعذاب، وأما الفائدة الثانية أن كل مال وجبت فيه الزكاة فلم يزك فهو من الكنز المتوعد عليه بالعذاب، وفيه أيضا فائدة ثالثة، وهي المقصود من ذكره وهي الدالة على وجوب الزكاة في الحلي، لأن أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها سألت عن ذلك كما هو صريح الحديث، ومن ذلك ما ثبت في سنن أبي داود.
عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم، رأى عليها فتخات من فضة فقال ما هذا يا عائشة؟ قلت صنعتهن أتزين لك يا رسول الله، فقال أتؤدين زكاتهن؟ قلت لا، أو ما شاء الله، قال صلى الله عليه وسلم ” هو حسبك من النار ” ففي هذه النصوص الدلالة الظاهرة على وجوب الزكاة في حلي الذهب والفضة، وإن أعدت للاستعمال أو العارية، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم، أنكر على السيدة عائشة والمرأة المذكورة في حديث عبدالله بن عمرو ترك زكاة حليهما وهما مستعملتان له، ولم يستثن صلى الله عليه وسلم، من الحلي شيئا لا المستعار ولا غيره، فوجب الأخذ بصريح النص وعمومه، ولا يجوز أن تخصص النصوص إلا بنص ثابت يقتضي التخصيص.
وأما ما يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال ” ليس في الحلي زكاة ” فهو حديث ضعيف لا يصلح للاحتجاج ولا يقوى على معارضة أو تخصيص هذه النصوص المتقدم ذكرها، بل قال الحافظ البيهقي ” إنه حديث باطل لا أصل له ” وقد نقل عنه ذلك الحافظ الزيلعي في نصب الراية، والحافظ ابن حجر في التلخيص، وإن لتكميل الفائدة هو التوضيح لنصاب الذهب والفضة حتى يكون الجميع على بصيرة فنقول أما نصاب الذهب فهو عشرون مثقالا، ومقدار ذلك من العملة للذهب الموجودة حاليا هو أحد عشر جنيها وثلاثة أسباع جنيه لأن زنة الجنيه الواحد بتحرير أهل الخبرة من الصاغة مثقالان إلا ربع، وأما نصاب الفضة فهو مائة وأربعون مثقالا، ومقدار ذلك من العملة الفضية الحالية ستة وخمسون جنيه فضة.