الدكرورى يكتب عن مشروعية الزواج العرفي ” جزء 1″
بقلم / محمــــد الدكـــــرورى
مشروعية الزواج العرفي ” جزء 1″
إن الزواج في روحه هو نظام اجتماعي يرقى بالإنسان من الدائرة الحيوانية، والشهوات المادية، إلى العلاقة الروحية، ويرتفع به من عزلة الوحدة والانفراد إلى أحضان السعادة، وأنس الاجتماع، وهو عقد ارتباط مقدس بين رجل وامرأة، يمضيه الشرع ويباركه الله سبحانه وتعالى، ولقد لقد أمر الله سبحانه وتعالى في النكاح بأن يميز عن السفاح والبغاء، ولما كان الزواج بهذه الخطورة، وتلك الأهمية، فقد أحاطه الله عز وجل، بقيود وشروط وضوابط، حتى تضفي عليه من المهابة والإجلال ما يجعله أهلاً لما يترتب عليه من آثار ونتائج، ولهذا فإننا نجد أن الشريعة الإسلامية اشترطت لهذا العقد أنواعا من الشروط لم تشترطها في عقد غيره، ويقول ابن القيم رحمه الله ” وشرط في النكاح شروطا زائدة على مجرد العقد.
فقطع عنه شبه بعض أنواع السفاح بها، كاشتراط إعلانه، إما بالشهادة، أو بترك الكتمان، أو بهما معا، واشترط الولي، ومنع المرأة أن تليه، وندب إلى إظهاره، حتى استحب فيه الدف والصوت والوليمة، وأوجب فيه المهر، ومنع هبة المرأة نفسها لغير النبي صلى الله عليه وسلم، وسر ذلك هو أن في ضد ذلك والإخلال به ذريعة إلى وقوع السفاح بصورة النكاح، وكما في الأثر، أن المرأة لا تزوج نفسها، فإن الزانية هي التي تزوج نفسها، فإنه لا تشاء زانية أن تقول زوجتك نفسي بكذا سرا من وليها، بغير شهود ولا إعلان، ولا وليمة، ولا دف، ولا صوت، ويعد الزواج من أكثر الأمور قداسة، فهو اتحاد شخصين بروحهما وجسديهما أمام الناس، وأمام الله سبحانه وتعالى.
وعلى سنة النبي صلى الله عليه و سلم، فقد خلق الله عز وجل، البشر للتزاوج، وعمارة الأرض بعبادته، ولهذا أكد الإسلام على عظمة الزواج من خلال تبيين أحكامه وشرائعه التي لا يتم دون توافرها، وقد أكد الإسلام على أن للزواج الشرعي شروط وأركان محددة، ومنها، هو وجود الشهود أثناء كتابة عقد الزواج، وموافقة ولي أمر الزوجة، والإشهار، وتحديد المهر، بالإضافة إلى ضرورة تسجيل عقد الزواج في المحكمة والمؤسسات الحكومية، وذلك لضمان حقوق الزوجة في حال وقوع الطلاق، وتثبيت النسب في حال وجود أطفال في المستقبل، وهذا هو المعمول به في معظم بلدان العالم وفقا للقوانين التي تضمن الحقوق لكلا الطرفين، وإن الإسلام بتشريعاته المتكاملة، تكفل بحياة يحفها الأمن، وترعاها القدرة الإلهية.
وترفرف في عليائها سعادة الإخلاد إلى التوحيد، وإن الزواج العرفى هو مشكلة اجتماعية خطيرة، يصطلي بنارها شرائح عديدة من المجتمع، ويمتد أذاها ليشمل غالب أفراد الأمة، حتى إذا استشرى ضررها، واستطال لهيبها، آذنت للمجتمع بهلاك، ونادت على الأمة بنذر شؤم وشقاء, وإن عقد الزواج لعله هو أخطر العقود التي تتم بين طرفين، ولذا فهو العقد الوحيد الذي سماه الله عز وجل، عقدا غليظا، ومفهوم الزواج هو لقاء بين رجل أجنبي، وامرأة غريبة عنه ربما لم تره يوما ما من الأيام، وهذا العقد يبيح لكل من الزوجين من الخصوصيات ما يختصان به عن سائر الناس، وبهذا العقد يقدر الله عز وجل، بين هذه الرجل، وتلك المرأة مخلوقا جديدا يجمع بين لحم هذا ودم هذه، ولا هو خالص من الرجل، ولا هو خالص من المرأة.
وبهذا العقد يرث كل من الطرفين الآخر هذا العقد يقوم بيت جديد، وتبدأ معالم مجتمع صغير في التشكل، وهذا العقد ينشئ الأسرة التي هي اللبنة الأساس في بنيان هذه الأمة، حيث تنكشف جاذبية الفطرة بين الجنسين، لا لتجمع بين مطلق الذكران ومطلق الإناث، ولكن لتتجه إلى إقامة الأسر والبيوت، والزواج العرفي هو اسم يطلق على نوع من أنواع الزواج، وهو يختلف عن بقية أنواع الزواج الشرعي المعتبر بأنه لا يُسجل في المحكمة أو لدى الجهة المتخصصة بذلك، أو يكون غير مكتمل الشروط أو الأركان التي ينبغي توافرها لإتمام عقد الزواج الشرعي بشكل صحيح، حيث إن النكاح كان متعارفا عليه حتى قبل الإسلام، إلا أن تفاصيله وجزئياته كانت تختلف في كل عصر من العصور عن العصر الذي يليه.