الدكرورى يكتب عن السمح بن مالك الخولاني ” جزء 1″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
السمح بن مالك الخولاني ” جزء 1″
مع أمراء الدوله الأمويه والخلافه الأمويه ومعنا السمح بن مالك الخولاني، وهو خامس ولاة الأندلس من قبل الدولة الأموية، حيث ولاه عليها الخليفة الأموى الراشد عمر بن عبد العزيز عام مائه من الهجره، وكان خلفا للحر بن عبد الرحمن الثقفي، وهو أول والى للأندلس يُعين من الخليفة في دمشق مباشرة، بعد أن كانت تابعة لولاية أفريقية وكان يولي عليها والي أفريقية من يشاء، والأندلس وهى المعروفة أيضا في الخطاب الشعبي الغربي خصوصا والعربي والإسلامي أحيانا باسم إسبانيا الإسلامية، أو أيبيريا الإسلامية، وهي إقليم وحضارة إسلامية قروسطية قامت في أوروبا الغربية وتحديدا في شبه الجزيرة الأيبيرية، على الأراضي التي تشكل اليوم اسبانيا والبرتغال، وفي ذروة مجدها وقوتها خلال القرن الثامن الميلادي امتدت وصولا إلى سبتمانيا.
وهى في جنوب فرنسا المعاصرة، غير أن التسمية عادة ما يقصد بها فقط الإشارة إلى الأراضي الأيبيرية التي فتحها المسلمون وبقيت تحت ظل الخلافة الإسلامية والدويلات والإمارات الكثيرة التي قامت في ربوعها وانفصلت عن السلطة المركزية في دمشق ومن ثم بغداد، حينما سقطت الأندلس بيد اللاتين الإفرنج وأخرج منها المسلمون، علما أنه طيلة هذه الفترة كانت حدودها تتغير، فتتقلص ثم تتوسع، ثم تعود فتتقلص، وهكذا، استنادا إلى نتائج الحرب بين المسلمين والإفرنج، وكان السمح بن مالك فى عهد الخليفه الأموى الراشد عمر بن عبد العزيز، وعمر هو ثامن الخلفاء الأمويين، وهو عمر الثاني، وقد ولد عمر سنة واحد وستين من الهجره، في المدينة المنورة، ونشأ فيها عند أخواله من آل عمر بن الخطاب، فتأثر بهم وبمجتمع الصحابة في المدينة، وكان شديد الإقبال على طلب العلم.
وفي سنة سبعه وثمانين من الهجره، قد ولاه الخليفة الوليد بن عبد الملك على إمارة المدينة المنورة، ثم ضم إليه ولاية الطائف سنة واحد وتسعين من الهجره، فصار واليا على الحجاز كلها، ثم عُزل عنها وانتقل إلى دمشق، فلما تولى سليمان بن عبد الملك الخلافة قرّبه وجعله وزيرا ومستشارا له، ثم جعله ولي عهده، فلما مات سليمان سنة تسعه وتسعين من الهجره، تولى عمر بن عبد العزيز الخلافة، وكان السمح خلفا للحر بن عبد الرحمن، وهو الحر بن عبد الرحمن الثقفي، وهو رابع ولاة الأندلس من قبل الدولة الأموية، حيث ولاه عليها محمد بن يزيد والي أفريقية بعد أن بعثه إليها في ذي الحجة سنة سبعه وتسعين من الهجره، في أربعمائة رجل من وجوه أفريقية، خلفا لأيوب بن حبيب اللخمي، الذي كان الأندلسيون قد اختاروه ليخلف الوالي المقتول عبد العزيز بن موسى بن نصير.
وينتسب الحر بن عبد الرحمن، إلى أسرة من أشراف ثقيف، فهو الحر بن عبد الرحمن بن عبد الله بن عثمان بن عبد الله بن ربيعة بن الحارث بن حبيب بن مالك بن حطيط الثقفي، فأباه عبد الرحمن كان واليا على الكوفة، وجد أبيه عثمان بن عبد الله كان حامل لواء ثقيف يوم حنين، ويعد الحر بن عبد الرحمن، هو أول قائد عربي يعبر جبال البرانس عام تسعه وتسعين من الهجره، حيث قاد حملة صغيرة على سبتمانيا، ولكن دون أن يحقق نجاحا ملحوظا، وقد أمضى الحر في فترة ولايته في قمع النزاعات التي قامت بين العرب والبربر، وإصلاح الجيش وتنظيم الدولة، إضافة إلى دحر محاولات القوط المسيحيين استعادة الأراضي التي غزاها المسلمون، ونجح في ذلك إلى حد كبير، واستطاع أن يحصر مناطقهم في منطقة البشكنس، وفي عهده، هزم المسلمون.
وهى أول هزيمة لهم في الأندلس في معركة كوفادونجا بقيادة بيلايو، التي نتج على إثرها نواة أول مملكة مسيحية في شمال شبه الجزيرة الأيبيرية منذ دخول المسلمين الأندلس، ولما تولى الخليفة عمر بن عبد العزيز الحكم، عزله واستعمل السمح بن مالك الخولاني، وقد دامت ولاية الحر الثقفي سنتين وثمانية أشهر، وكان عندما تولى السمح الولايه على الأندلس فقد أصلح السمح قنطرة قرطبة على نهر الوادي الكبير بعد أن أعلم الخليفة بحالتها الرثة، واستشاره في إصلاحها، فأذن له، وكانت قنطرة قرطبة من المعالم المهمة في قرطبة وهى قنطرة قرطبة، والتي تقع على نهر الوادي الكبير، وقد عرفت باسم الجسر، وأيضا عرفت بإسم قنطرة الدهر، وكان طولها أربعمائة متر تقريبا، وعرضها أربعين مترا، وارتفاعها ثلاثين مترا، وقد بنيت في عهد السمح ابن مالك الخولاني صاحب الأندلس.
وكان ذلك بأمر من عمر بن عبد العزيز سنة مائه وواحد من الهجره، وقد شيدها بنو أمية بعد ذلك وحسنوها، وقيل إنه قد كانت في هذا المكان قنطرة من بنيان الأعاجم قبل دخول العرب بنحو مائتي سنة أثرت فيها الأزمان بمكابدة المدود حتى سقطت حناياها ومحيت أعاليها وبقيت أرجلها واسافلها وعليها بني السمح في سنة إحدى ومائة من الهجره، وأما عن نهر الوادى الجديد فهو الوادي الكبير أو النهر الكبير وهو نهر إسباني يجري في منطقة الأندلس ويصب في المحيط الأطلسي وهو غربي مضيق جبل طارق، وقد أطلق الفينيقيون عليه اسم بايتس وبعدهم الرومانيون سموه بيتيس، وأطلق المسلمون عليه تسميته الحالية، ويذكر المؤرخ ابن القوطية، أن الخليفة عمر بن عبد العزيز قد عهد إلى السمح بإجلاء المسلمين من الأندلس خشية منه على أرواحهم.