الدكرورى يكتب عن الحر بن عبد الرحمن الثقفي ” جزء 2″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
الحر بن عبد الرحمن الثقفي ” جزء 2″
ونكمل الجزء الثاني مع الحر بن عبد الرحمن الثقفي، ومدينة سبتمانيا وهى ذات المدائن السبع، وهى كانت تشكل الشطر الغربي من مقاطعة نربونة الغالية الرومانية، والتي أصبحت تابعة للقوط في عهد الملك القوطي ثيودوريك الثاني، وكانت عاصمتها أربونة، وكانت تضم كلا من مدن قرقشونة، ونيمة، وبيزيرز، وإلن، وآكد، وماجالونة، ولوديفا، وقد عرفت تحت حكم القوط اختصارا، بغالة، أو المقاطعة النربونية، وفي عصور الفتح الإسلامي للغال فتحها وأسس فيها دولة إسلامية الحاكم السمح بن مالك الخولاني، والذي حكم الأندلس في الفترة من سنة مائه هجريه إلى سنه مائه واثنين من الهجره، ولكن دون أن يحقق نجاحا ملحوظا، وجبال البرانس، البيريني أو البرينيو وهى سلسلة جبلية تقع جنوب غرب أوروبا، بين فرنسا وإسبانيا.
وتمثل الحدود الطبيعية بينهما، حيث تمتد من خليج بسكاي بالمحيط الأطلسي في الغرب إلى البحر المتوسط في الشرق، وأما عن الحر بن عبد الرحمن، فقد أمضى الحر في فترة ولايته في قمع النزاعات، وهى التي قامت بين العرب والبربر، وإصلاح الجيش وتنظيم الدولة، إضافة إلى دحر محاولات القوط المسيحيين استعادة الأراضي التي غزاها المسلمون، ونجح في ذلك إلى حد كبير، واستطاع أن يحصر مناطقهم في منطقة البشكنس، وهى تسمى إقليم الباسك وهى منطقة تقع في شمال إسبانيا، وهى من سبعة عشر منطقة حكم ذاتي في إسبانيا، وعاصمتها هي مدينة فيتوريا، أو غاستايز، المنطقة مقسمة إلى ثلاث مقاطعات، وهما ألافا، وغيبوثكوا وبيسكاي، وكما تحافظ بلاد الباسك على بيئة طبيعية ذات جودة عالية، بالإضافة إلى معايير جيدة جدا لجودة الحياة.
وأما عن الحر فكان في عهده، هزم المسلمون أول هزيمة لهم في الأندلس في معركة كوفادونجا بقيادة بيلايو، التي نتج على إثرها نواة أول مملكة مسيحية في شمال شبه الجزيرة الأيبيرية منذ دخول المسلمين الأندلس، ومعركة كوفادونجا أو مغارة دونغة، وهي معركة وقعت في أوائل فترة الحكم الإسلامي للأندلس بين قوة من المسلمين وقوة من السكان المحليين بقيادة بيلايو، وتعدها المصادر الغربية أنها النواة لنشأة مملكة أستورياس، والبداية لحروب الاسترداد، وكما تعتبرها المصادر الغربية، أنها أول انتصار مسيحي على المسلمين في الأندلس، ولما تولى الخليفة عمر بن عبد العزيز الحكم، عزله واستعمل السمح بن مالك الخولاني، وقد دامت ولاية الحر الثقفي سنتين وثمانية أشهر، وأما عن السمح بن مالك الخولاني فهو خامس ولاة الأندلس.
من قبل الدولة الأموية، حيث ولاه عليها الخليفة عمر بن عبد العزيز عام مائه من الهجره، وكان خلفًا للحر بن عبد الرحمن الثقفي، وهو أول والى للأندلس يُعيّن من الخليفة في دمشق مباشرة، بعد أن كانت تابعة لولاية أفريقية يولي عليها والي أفريقية من يشاء، وفي عهد السمح بن مالك الخولاني صاحب القنطرة الشهيرة بقرطبة، وقد هدأت الفتن والمشاكل في الأندلس وتفرغ الجيش للجهاد والفتح فخرج السمح على رأس جيش كبير متوجهاً نحو فرنسا سنة مائه وواحد من الهجره، واستطاع فتح مدينة سبتمانيا وعاصمتها في الجنوب الفرنسي مفتتحا كل ما يلقاه أمامه من مدن وحصون فافتتح مدن بيزيه وماجلون ثم افتتح قرقشونة وأربونة ثم أكمل السمح طريقه حتى وصل إلى طولوشة وهى تولوز، وقد ضرب السمح حصارا قويا على المدينة.
ومنع عنها الإمدادات حتى أوشكت على السقوط في أيدي المسلمين، لكن فجأة تحرك جيش ولاية أكوتين بقيادة الدوق أودو لمواجهة المسلمين، وعلى الرغم من قلة جيش السمح وتفوق جيش أودو العددي والحربي التحم الجيشان في معركة رهيبة تجاذب طرفاها النصر والهزيمة حتى قتل السمح بن مالك الخولاني وكان ذلك يوم عرفة سنة مائه واثنين من الهجره، فانسحب نائبه عبد الرحمن الغافقي وعاد إلى الأندلس بعد فك الحصار عن تولوز، وخلف السمح بن مالك والى آخر وهو عنبسة بن سحيم الكلبي، وقد استكمل حركة الفتح في تلك المنطقة فأتم فتح سبتمانيا بمدنها السبع الكبيرة، ثم اتجه شرقاً حتى نهر الرون وفتح إقليم بروفانس في الجنوب، ثم صعد مع النهر شمالا حتى بلغ مدينة ليون وافتتحها.
ثم توغل في إقليم برغونة بروجانديا حتى بلغ مدينة أوتون في أعالي الرون لكن أهالي المنطقة قطعوا عليه خط الرجعة، وهاجموا الجيش وانتهى الأمر باستشهاده، وفي ذلك التوقيت عانت الأندلس من بعض المشاكل والقلاقل مما شغل المسلمين مدة عن متابعة الفتوحات في أراضي فرنسا، فاستغل الفرنسيون تلك المشاكل والصعوبات وتطلعوا للأندلس.