أخبار سياسية - اقتصادية - فنية - رياضية - عربية - دولية

حياة الرعيل الأول فى المدينة “جزء 2”

الدكرورى يكتب عن حياة الرعيل الأول فى المدينة “جزء 2”

بقلم/ محمــــد الدكـــــرورى

حياة الرعيل الأول فى المدينة “جزء 2”

ونكمل الجزء الثاني مع حياة الرعيل الأول فى المدينة، وقام النبى صلى الله عليه وسلم، ببناء السوق الإسلامي، حيث سعى الرسول صلى الله عليه وسلم، أثناء مكوثه في المدينة إلى بناء سوق إسلامي خاص بالمسلمين، مستقل عن الأسواق الأخرى، حيث إنه لم يكن يعط أي حرية بممارسة أي عمل اقتصادي داخل المسجد، لحرمته وقدسيته، حيث يغلب على أي عمل اقتصادي ممارسته من قبل جميع الناس، وكثرة المعاملات التجارية التي تحصل فيه، وقد اتجه نظر رسول الله الكريم صلى الله عليه وسلم، لبناء سوق إسلامي، بسبب عدم وجود سوق داخل المدينة خاص بالمسلمين ومعاملاتهم، وقد كان هناك سوق يسيطر عليه اليهود، وهو سوق بني قينقاع، وكانوا هم من يسيطرون عليه، وعلى العمليات التي تتم داخله، ويمنعون المسلمين من الدخول إليه إلا بدفع الخراج لهم.

فكان أمر النبي صلى الله عليه وسلم، ببناء السوق الإسلامي الذي يرأسه المسلمون، وقام بوضع الأسس الخاصة بالعمل في داخله، من حيث كيفية البيع والشراء، وتحديد الأسعار، ومع استقرار وضع المسلمون في المدينة ظهرت قريش مجددا على الساحة مهددة ومتوعدة باستئصال المسلمون عن بكرة أبيهم، ولم تكتفي قريش بتهديد المسلمين فحسب بل شمل هذا التهديد أيضا من يعيش معهم في المدينة في سلم، فكتبوا إلى عبد الله بن أبي بن سلول بصفته رئيس الأنصار يقولون لهم في كلمات باتة ” إنكم آويتم صاحبنا، وإنا نقسم بالله لتقاتلنه أو لتخرجنه، أو لنسيرن إليكم بأجمعنا، حتى نقتل مقاتلتكم، ونستبيح نساءكم ” وبمجرد بلوغ هذا الكتاب قام عبد الله بن أبي بن سلول ليمتثل أوامر إخوانه المشركين من أهل مكة.

وقد كان يحقد على النبي صلى الله عليه وسلم، لما يراه أنه أخذ ملكه، وبالفعل جمع من معه من عبدة الأوثان واجتمعوا لقتال المسلمين إلا أن النبي صلى الله عليه وسلم، استطاع احتواءهم، ولما علمت قريش بفشل مخططها بإثارة الفتنة في المدينة عمدت إلى تهديد المسلمين مباشرة وارسلت إليهم قائلة ” لا يغرنكم أنكم أفلتمونا إلى يثرب، سنأتيكم فنستأصلكم، ونبيد خضراءكم في عقر داركم ” وإزاء كل هذه الأحداث وبعد أن أصبح المسلمون قوة أذن الله تعالى، لهم بالقتال ورد العدوان، وهذا هو تعريف الجهاد في الإسلام، وكان وبعد ذلك شرع الجهاد أيضا لتمكين العقيدة من الانتشار دون عقبات، ويؤمن المسلمون أن من واجبهم نشر الإسلام والتعريف به في شتى بقاع العالم.

وأما الدخول في الإسلام فهي حرية شخصية لا إكراه فيها، ولصرف الفتنة عن الناس ليتمكنوا من اختيار الدين الحق بإرادتهم الحرة، فقال الله تعالى فى سورة البقره من كتابه الكريم “وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله، فإن انتهوا فلا عدوان إلا على الظالمين” ومن هنا ينبغى أن نؤكد على أن الجهاد حق وفريضة محكمة لا يملك أحد تعطيله ولا منعه، ولكنه إذا تفلت من الضوابط الشرعية ولم تطبق فيه الأركان والشروط والقيود التى ذكرها علماء الشريعة خرج عن أن يكون جهادا مشروعا، فتارة يصير إفسادا فى الأرض، وتارة يصير غدرا وخيانة، فليس كل قتال جهادا، ولا كل قتل فى الحرب يكون مشروعا، وهذا يستلزم أن نفرق هنا بين مفهومين مهمين، وهما مفهوم الجهاد والإرجاف، ومفاهيم أخرى كالبغى والحرابة.

التى يخلطها بعضهم بالجهاد، فإن مصطلح الجهاد فى سبيل الله، هو مصطلح إسلامى نبيل له مفهومه الواسع فى الإسلام، فهو يطلق على مجاهدة النفس والهوى والشيطان، ويطلق على قتال العدو الذى يُراد به دفع العدوان وردع الطغيان، وهذا النوع من الجهاد له شروطه التى لا يصح إلا بها، من وجود الإمام المسلم الذى يستنفر المسلمين من رعيته للجهاد، ووجود راية إسلامية واضحة، وتوفر الشوكة والمنعة للمسلمين، فهو من فروض الكفايات التى يعود أمر تنظيمها إلى ولاة الأمور والساسة الذين ولاهم الله تعالى أمر البلاد والعباد، وجعلهم أقدر من غيرهم على معرفة مآلات هذه القرارات المصيرية، حيث ينظرون فى مدى الضرورة التى تدعو إليه من صد عدوان أو دفع طغيان، فيكون قرار الجهاد مدروسا من جميع جوانبه ومآلاته دراسة علمية وواقعية فيها الموازنة الدقيقة بين المصالح والمفاسد.