الدكرورى يكتب عن حياة الرعيل الأول فى المدينة “جزء 1”
بقلم/ محمــــد الدكـــــرورى
حياة الرعيل الأول فى المدينة “جزء 1”
لقد قام الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، بتوثيق قواعد المجتمع الإسلامي الجديد، بعد هجرته الشريفه من مكه إلى المدينه، وكانت بإقامة الوحدة العقائدية والسياسية والنظامية بين المسلمين، وقد رأى صلى الله عليه وسلم، أن يقوم بتنظيم علاقاته بغير المسلمين، وكان همه في ذلك هو توفير الأمن والسلام والسعادة والخير للبشرية جمعاء، مع تنظيم المنطقة في وفاق واحد، فسن صلى الله عليه وسلم، في ذلك قوانين السماح والتجاوز التي لم تعهد في عالم مليء بالتعصب والتغالي، وكان أقرب من كان يجاور المدينة المنوره، من غير المسلمين هم اليهود، فعقد معهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، معاهدة سلام وحرية عبادة ودفاع مشترك، ولم يتجه الرسول إلى سياسة الإبعاد.
أو المصادرة والخصام ولم تكن فكرة الحرب مطروحة، فحينما وصل الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، للمدينة المنورة، قام ببعض الأعمال الأساسية والمهمة، فقد بنى رسول الله صلى الله عليه وسلم، المسجد النبوي الشريف، وكان ذلك طوال مدة مكوثه صلى الله عليه وسلم، عند الصحابى الجليل أبي أيوب الأنصاري، وقد قال الواقدي إن المدة كانت سبعة أشهر، وقال غيره إنها كانت أقل من شهر، وقد قيل غير ذلك، وكان ذلك أول عمل لرسول الله صلى الله عليه وسلم، في المدينة، وقد ساعده في البناء الصحابة الكرام رضي الله عنهم، وكانوا ينقلون اللبن معه، أى الطوب للبناء، وكانت أرض المسجد عبارة عن بيدر تمر لغلامين يتيمين كانا في حجر أسعد بن زرارة، وقد ابتاعه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
منهم حتى يقوم ببناء المسجد، وكان المسجد مصنوعا من الطوب اللبن، وأسقفه مغطاة بجريد النخل، وأعمدته من أخشاب النخل، وكان لبناء المسجد عدة أهداف، فلم يكن بناؤه فقط على الأساس الديني، وإنما تنوعت الأهداف، وهو التأكيد على ارتباط الدين والسياسة معا، فكان المسجد بمثابة مكان يمارس فيه القائد والحاكم مهامه، فالسياسة جزء من الدين لا تنفصل عنه، ولو أن الأمر يناقض ذلك لأقام الرسول صلى الله عليه وسلم، بيتا للأمارة بشكل مستقل عن المسجد، وأيضا كان من أهمية المسجد هو تثبيت الأصل التي تقوم عليه الدولة الإسلامية، والذي يتمثل بالعلاقة مع الله تعالى، فهي الأساس الذي تقوم عليه أمور السياسة، وأيضا استقبال الوفود في المسجد، والاجتماع معهم فيه، للبحث فيما يتعلق بأمور الحروب.
والإصلاحات والأسرى، وعقد الاتفاقات والتفاوضات معهم، وكذلك التشاور في أمور الغزوات قبل حدوثها، وعقد مجالس لتعلم العلوم الشرعية، وباقي العلوم الأخرى، والحكم بين المتخاصمين داخل المسجد، حيث كان يعد دارا للقضاء، وكذلك ممارسة بعض الأنشطة الاجتماعية، فهو مأوى الفقراء، ومكان لممارسة الأحباش لبعض الأنشطة الترفيهية، والمؤاخاة بين المهاجرين والأنصار حيث آخى النبي صلى الله عليه وسلم، بين المهاجرين والأنصار، ووثق بينهم روابط المحبة، والألفة، والتكافل الاجتماعي، وكان على أساس الأخوة الإسلامية، فكانت علاقاتهم بعد المؤاخاة مع بعضهم، كالأخوة تماما، يتقاسمون أمورهم، ويتعاونون مع بعضهم في أمور الخير، وما ينفع مجتمعهم، ويحبون الخير لبعضهم.
ويؤثرون على أنفسهم رغم ضيق عيشهم وصعوبة أحوالهم، فكانت أخوتهم صادقة وحقيقية، تقوم على الإيمان بالله تعالى، وعلى العقيدة السليمة في نفوسهم، وتمت المؤاخاة في بيت أنس بن مالك رضي الله عنه، وكما أقام النبى صلى الله عليه وسلم، بالمعاهدة بين المسلمين واليهود حيث قام رسول الله صلى الله عليه وسلم، بكتابة الوثيقة أو الصحيفة التي تنظم علاقة جميع المواطنين في المدينة على اختلاف دياناتهم وأصولهم، فكانت بين المسلمين من المهاجرين والأنصار مع بعضهم البعض، ومع قبائل يهود بني قريظة، وبني النضير، وبني قينقاع، واشتهرت باسم وثيقة المدينة، وقد سمّاها بعض المعاصرين بدستور المدينة، واحتوت الوثيقة في داخلها على مجموعة من البنود المتفق عليها.