الدكرورى يكتب عن معاوية بن حديج الكندي “جزء 3”
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
معاوية بن حديج الكندي “جزء 3”
ونكمل الجزء الثالث مع معاوية بن حديج الكندي، وأما عن معاويه بن حديج فيقول معاوية بن حديج بعثني عمرو بن العاص إلى عمر بن الخطاب بفتح الإسكندرية فقدمت المدينة في الظهيرة فأنخت راحلتي بباب المسجد ثم دخلت المسجد فبينما أنا قاعد فيه إذ خرجت جارية من منزل عمر بن الخطاب فقالت من أنت؟ قلت أنا معاوية بن حديج رسول عمرو بن العاص فانصرفت عني ثم أقبلت تشتد فقالت قم فأجب أمير المؤمنين فتبعتها فلما دخلت فإذا بعمر بن الخطاب يتناول رداءه بإحدى يديه ويشد إزاره بالأخرى فقال ما عندك؟ قلت خير يا أمير المؤمنين فتح الله الإسكندرية فخرج معي إلى المسجد فقال للمؤذن أذن في الناس الصلاة جامعة فاجتمع الناس ثم قال لي قم فأخبر الناس فقمت فأخبرتهم ثم صلى ودخل منزله واستقبل القبلة.
فدعا بدعوات ثم جلس فقال يا جارية هل من طعام؟ فأتت بخبز وزيت فقال كل فأكلت على حياء ثم قال كل فإن المسافر يحب الطعام فلو كنت آكلا لأكلت معك فأصبت على حياء ثم قال يا جارية هل من تمر؟ فأتت بتمر في طبق فقال كل فأكلت على حياء ثم قال ماذا قلت يا معاوية حين أتيت المسجد؟ قال قلت أمير المؤمنين قائل، قال بئسما ظننت لئن نمت النهار لأضيعن الرعية ولئن نمت الليل لأضيعن نفسي فكيف بالنوم مع هذين يا معاوية؟ فقام معاوية بن حديج بالتوسط بين عمرو بن العاص ومعاوية لما صار الأمر في يدي معاوية استكثر طعمة مصر لعمرو بن العاص ما عاش، ورأى عمرو أن الأمر كله قد صلح به وبتدبيره وعنائه وسعيه فيه وظن أن معاوية سيزيده الشام مع مصر فلم يفعل معاوية، فتنكر عمرو لمعاوية فاختلفا وتغالظا وتميز الناس.
وظنوا أنه لا يجتمع أمرهما فدخل بينهما معاوية بن حديج فأصلح أمرهما وكتب بينهما كتابا وشرط فيه شروطا لمعاوية وعمرو خاصة وللناس عامة وأن لعمرو ولاية مصر سبع سنين وعلى أن على عمرو السمع والطاعة لمعاوية، وتواثقا وتعاهدا على ذلك وأشهدا عليهما به شهودا، ثم مضى عمرو بن العاص على مصر واليا عليها وذلك في آخر سنة تسعه وثلاثين من الهجره، فوالله ما مكث بها إلا سنتين أو ثلاثا حتى مات، وقد غزا معاوية بن حديج إفريقية سنة أربعه وثلاثين من الهجره، وكان عاملا على مصر فغزاها ونزل جلولاء وقاتل مدد الروم الذي جاءها من قسطنطينية، وقد لقيهم بقصر الأحمر فغلبهم وأقلعوا إلى بلادهم وافتتح جلولاء وغنم وأثخن ولاه معاوية بن أبي سفيان مصر فلما سار إليها تلقاه معاوية بن حديج على مرحلتين من مصر.
فقال له ارجع إلى خالك معاوية فلعمرى لا ندعك تدخلها فتسير فيها وفينا سيرتك في إخواننا أهل الكوفة فرجع ابن أم الحكم إلى معاوية ولحقه معاوية بن حديج وافدا على معاوية فلما دخل عليه وجد عنده أخته أم الحكم وهي أم عبد الرحمن الذي طرده أهل الكوفة وأهل مصر فلما رآه معاوية قال بخ بخ هذا معاوية بن حديج فقالت أم الحكم لا مرحبا به تسمع بالمعيدى خير من أن تراه فقال معاوية بن حديج على رسلك يا أم الحكم أما والله لقد تزوجت فما أكرمت وولدت فما أنجبت أردت أن يلى ابنك الفاسق علينا فيسير فينا كما سار في إخواننا أهل الكوفة فما كان الله ليريه ذلك ولو فعل ذلك لضربناه ضربا يطأطئ منه رأسه، أو قال لضربنا مصاصا منه وإن كره ذلك الجالس فالتفت إليها معاوية بن أبي سفيان فقال كفى، فهذا درس يجب علي المسلمين أن يتعلموه،
قول الحق ولو كان مر، والأمر بالمعروف، وعن معاوية بن حديج قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول ” غدوة في سبيل الله أو روحة خير من الدنيا وما فيها ” وعن معاوية بن حديج أن النبي صلي الله عليه وسلم، قد صلى يوما فسلم وانصرف وقد بقي عليه من الصلاة ركعة فأدركه رجل فقال نسيت من الصلاة ركعة فرجع فدخل المسجد وأمره بلالا فأقام الصلاة فصلى بالناس ركعة فأخبرت بذلك الناس فقالو أتعرف الرجل؟ فقلت لا إلا أن أراه فمر بي فقلت هو هذا فقالو هذا طلحة بن عبيد الله، وتشير بعض الروايات لمعاويه بن حديج، إلى أنه هو من قتل محمد بن أبي بكر الصديق، وهو ابن الخليفة الراشد أبي بكر الصديق انتقاما من قتلة الخليفة الثالث عثمان بن عفان، في حين أن مسؤولية محمد بن أبي بكر مختلف عليها.