أخبار سياسية - اقتصادية - فنية - رياضية - عربية - دولية

موقف الشرع من زواج الشغار ” جزء 5″

الدكرورى يكتب عن موقف الشرع من زواج الشغار ” جزء 5″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى

موقف الشرع من زواج الشغار ” جزء 5″

ونكمل الجزء الخامس مع موقف الشرع من زواج الشغار، وإن الزواج على سبيل البدل له ثلاث صور، فالأولى هى أن يتزوج كل واحد منهما من قريبة الآخر ومن هي تحت ولايته، دون اشتراط أن يكون زواج أحدهما مبنيا على زواج الآخر ومتوقفا عليه، ومع وجود مهر مقرر لكل منهما، فهذه الصورة ليست من نكاح الشغار، ولا حرج فيها، أما إن خطب هذا مولية هذا، وخطب الآخر موليته، من دون مشارطة، وتم النكاح بينهما برضى المرأتين مع وجود بقية شروط النكاح، فلا خلاف في ذلك ولا يكون حينئذ من نكاح الشغار ، وأما عن الثانية وهو أن يتم الزواج بشرط أن يزوج كل واحد منهما موليته من الآخر.

مع عدم وجود مهر لهما، بحيث يكون بُضع كل واحدة منهما في مقابلة بضع الأخرى، فهذه الصورة من الشغار المنهي عنه في السنة النبوية باتفاق العلماء وأما عن الثالثة وهو أن يزوج الرجل ابنته أو أخته أو من هي تحت ولايته، بشرط أن يزوجه الآخر ابنته أو موليته، لكن مع وجود مهر لكل منهما، سواء كان متساويا أو مختلفا، فهذه الصورة محل خلاف بين العلماء، فذهب بعض العلماء إلى أن هذه الصورة تدخل في الشغار المنهي عنه أيضا، وأن وجود الشرط كافى في جعلها من نكاح الشغار، وهو قول الظاهرية، واختاره بعض العلماء من الشافعية والحنابلة، وقول العلماء إذا زوجه وليته، على أن يزوجه الآخر وليته، فلا نكاح بينهما.

وإن سموا مع ذلك أيضا صداقا وفى النهايه رأى ابن باز رحمه الله تعالى ” إذا زوّج الرجل موليته لرجل، على أن يزوجه الآخر موليته فهذا هو نكاح الشغار الذي نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا هو الذي يسميه بعض الناس نكاح ” البدل ” وهو نكاح فاسد ، سواء سمّي فيه مهر أم لا ، وسواء حصل التراضي أم لا ” وأيضا إن قال الرجل له زوجني ابنتك بمائة على أن أزوجك ابنتى بمائة، أو قال بخمسين، فلا خير فيه، وهو من وجه الشغار، ويفسخ قبل البناء ويثبت بعده، ويكون لكل واحدة منهما الأكثر من التسمية أو صداق المثل، وليس هذا بصريح الشغار لدخول الصداق فيه، وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله .

” إذا كان المهر مهر مثلها لم ينقص، والمرأة قد رضيت بالزوج ، وهو كفء لها، فإن هذا صحيح، وهذا هو الصحيح عندنا، أنه إذا اجتمعت شروط ثلاثة وهي الكفاءة، ومهر المثل، والرضا، فإن هذا لا بأس به، لأنه ليس هناك ظلم للزوجات، فقد أعطين المهر كاملا، وليس هناك إكراه، بل غاية ما هنالك أن كل واحد منهما قد رغب ببنت الآخر، فشرط عليه أن يزوجه، فظاهر الأدلة يقتضي أنه إذا وجد مهر العادة، والرضا، والكفاءة، فلا مانع، ومع القول بصحة العقد في هذه الصورة، إلا أنه لا ينبغي سلوك هذه الطريق في الزواج، فإن رسالة الاسلام الذى نزل بها القرآن الكريم وجاهد بها خاتم المرسلين كانت نقطة مضيئة وسط ظلام الجاهلية وظلام العصور الوسطى.

ومالبث الظلام أن طغى شيئا فشيئا بمجرد موت النبى صلى الله عليه وسلم، فبدأ الاسلام ينحسر من واقع الصحابة الكرام بالفتوحات والفتنة الكبرى، وتحول الى مجرد وسيلة للإستغلال السياسى، وهو حتى الآن يتحمل وزر المتاجرين به من الأمويين والعباسيين والفاطميين والعثمانيين الى الوهابيين وغيرهم، وقد غاب الاسلام الحقيقى عن واقع المسلمين وتوارى داخل القرآن الكريم المحفوظ من لدن الرحمن الرحيم، ليكون حجة على الناس الى يوم القيامة، وإن هذه العدالة الاجتماعية التي تمتع بها الإسلام ودعا إليها وفرضها منذ اليوم الأول والتي كانت أحد أركان ودعائم الدولة الإسلامية الناشئة بالمدينة المنورة في ظل حقول من الألغام المحيطة بالمدينة وكثرة الأخطار التي تتهددها.