الدكرورى يكتب عن موقف الشرع من زواج الشغار ” جزء 4″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
موقف الشرع من زواج الشغار ” جزء 4″
ونكمل الجزء الرابع مع موقف الشرع من زواج الشغار، وإن من الأمور والمسائل المنكرة ما يفعله بعض الناس في الحاضرة والبادية من حَجر بنت العم ومنعها من الزواج بغير ابن عمها، والتهديد والوعيد بفعل كذا وكذا، وكذلك إجبار بعض الأولياء للنساء على الزواج ممن لا يرضين به من القرابة أو من غيرهم، وكذلك ظلم بعض الناس لبناتهم ومولياتهم، حيث يمنعونهن من الزواج ممن يتقدم لهن من الأكفاء في الدين ويرغبن هن في الزواج منهم، يمنعونهن حقهن في ذلك بحجة الطبقية الجاهلية الممقوتة في الإسلام، وكل ذلك ظلم واضح للنساء يأثم به من يُقدم عليه ويقوم به، وبذلك تقع الفتن والمشاكل والشحناء والخصومات وقطيعة الرحم.
بل قد تصل إلى سفك الدماء وغير ذلك، فالواجب على المسلم أن يخاف الله تعالى ويحذر بشطه ونقمته، وعليه أن يحذر من الوقوع في ذلك ويحذر أقاربه وغيرهم من المسلمين من عواقب مخالفة أمر الله سبحانه وتعالى وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم، وعليهم أن يستأذنوا النساء عند تزويجهن، ولا يزوجوهن إلا برضاهن، كما يجب عليهم أن ينظروا في مصالح النساء وليس في مصالحهم، وأن لا يزوجوهن إلا بالأَكفاء دينا وخُلقا بعد إذنهن، حتى تبرأ ذممهم ويسلموا من عواقب ذلك في الدنيا والآخرة، ومما ينبغي التنبيه إليه في نكاح الشغار هو عن حال من لم يقدم عليه أو أقدم ولكن لم يتم الزواج حتى الآن أو وقع فيه، أما من لم يقدم عليه أو أقدم ولكنه في مراحله الأولى.
قبل الزواج فإن عليه الابتعاد عن ذلك، لما سبق ذكره والكلام عنه، وأما من وقع في الشغار وخاصة مع وجود الأولاد منهما أو من أحدهما فإن عليهم أن يجددوا العقدين إذا رضيت كلتاهما بذلك، أو إحداهما رضيت والأخرى لم ترضى فإنه يُجدد لمن رضيت، ولا حاجة للمأذون الرسمي أو إثبات ذلك رسميا، بل متى حصل الولي والشاهدان والإيجاب بعد القبول من الزوجين والزوجتين، أو رضيت إحدى الزوجتين بزوجها ولم ترض الأخرى، وكذلك دُفع المهر فعلا لكل منهما، أو لمن رضيت منهما، فمتى حصل ذلك واتفق الجميع على إلغاء الشروط الأولى، فمن رضيت فإنها تبقى مع زوجها، والتي لم ترض وظهر أنها مُكرهة في العقد الأول ولا ترغب الاستمرار مع زوجها
فلها الانفصال عنه حيث إن العقد الأول لاغى وباطل، ويُجدد العقد للتي رضيت، أما الأولاد فهم أولاد رشد يُنسبون إلى آبائهم لأنهم وُلدوا في نكاح اعتقد صحته الآباء والأولياء والشهود، وهذا كلام ” بن باز ” وفى النهاية نقول إذا كان هناك بدل أو شرط التبديل فإن العلة التي من أجلها نهي عن الشغار موجودة ولو سمي المهر، لأن هذا الشغار وسيلة إلى ظلم النساء والتعدي عليهن، وإجبارهن على النكاح بمن لا يرضين من أجل مصلحة الأولياء وأولاد الأولياء، فالصواب الذي نفتي به ونعتقد أنه الحق أن عقد الشغار باطل مطلقا، ولو سمي فيه مهر مكافئ، والواجب على من فعله أن يجدد النكاح، وإذا كانت لا تريده المرأة وجب عليه فراقها بطلقة واحدة،
وأما إذا كانت تريده والأخرى تريد زوجها فلا مانع من تجديد النكاح بعقد شرعي ومهر شرعي ليس فيه اشتراط المرأة الأخرى في كلا العقدين، فيجتنبها ويبتعد عنها حتى يجدد النكاح بحضرة شاهدين بولي ومهر جديد إذا كانت ترغب فيه وهو يرغب فيها، أما إذا كانت لا ترغب فيه فإنه يطلقها بطلقة واحدة طاعة لله ولرسوله عليه الصلاة والسلام، وحذرا مما نهى عنه الرسول صلى الله عليه وسلم، وهكذا الشغار، أو ما يسميه الناس بزواج البدل فقد جاءت الشريعة الاسلامية بتحريمه والنهي عنه لما فيه من ظلم للمرأة، وهضم لحقها، وتلاعب بمسؤولية الولاية، وإن الزواج على سبيل البدل له ثلاث صور، فالأولى هى أن يتزوج كل واحد منهما من قريبة الآخر ومن هي تحت ولايته.