سبب تدمير العلاقات الإجتماعية
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : السبت الموافق 12 أكتوبر 2024
الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وإمتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيما لشأنه سبحانه وأشهد أن نبينا محمدا عبد الله ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وإخوانه، أما بعد إن من صور مخاطر السوشيال ميديا هو تدمير العلاقات الاجتماعية، فربما تكون قد ممرت بموقف كنت تتحدث فيه إلى أحد أصدقائك بينما أخرج هو هاتفه ليتصفح بعض الصور على موقع إنستغرام، لتعرف جيدا مدى تأثير مواقع التواصل الإجتماعي على العلاقات بين الناس، فإن مجرد وجود الهاتف يمكن أن يؤثر على علاقاتنا بالآخرين، وخاصة عندما نكون نتحدث معهم في أمور ذات أهمية، وذلك وفقا لدراسة صغيرة نشرت مؤخرا، كما أن العلاقات العاطفية ليست بعيدة عن ذلك أيضا.
فقد أجرى باحثون كنديون دراسة علي ذلك ومن خلال استطلاع آراء ثلاثمائة شخص تتراوح أعمارهم بين سبعة عشر إلي أربعة وعشرين عاما، حول الغيرة على موقع فيسبوك، ووجهت إليهم أسئلة من قبيل “هل من المحتمل أن تشعر بالغيرة إذا أضاف شريك حياتك شخصا جديدا لا تعرفه من الجنس الآخر إلى حسابه على فيسبوك؟” وتوصل الباحثون إلى أن المرأة تقضي وقتا أطول من الرجل على موقع فيسبوك، وأنها تخبر مشاعر الغيرة أكثر من الرجل بشكل كبير عندما تفعل ذلك وخلص الباحثون إلى أنهم يعتقدون أن بيئة فيسبوك خلقت لدى النساء مثل هذه المشاعر، وعززت لديهن مخاوف بشأن مدى قوة علاقاتهن بشركائهن، ومن صور مخاطر السوشيال ميديا هو الحسد حيث تم في دراسة كانت تضم ستمائة شخص بالغ، قال ثلثهم تقريبا إن وسائل التواصل الإجتماعي تشكل لديهم مشاعر سلبية، وخاصة اليأس.
وإن السبب الرئيسي وراء ذلك كان الحسد، وكان ذلك يظهر من خلال مقارنة حياتهم بحياة آخرين، وأن المتسبب الأكبر في ذلك كانت صور السليفي التي يلتقطها الآخرون أثناء الرحلات، إضافة إلى ذلك، سببت مشاعر الحسد تلك دوامة من الحسد، إذ كان رد فعل الناس تجاه هذا الشعور بالحسد هو إضافة مزيد من الصور إلى ملفاتهم الشخصية على الإنترنت، وهي صور من نفس نوع المحتوى الذي جعلهم يشعرون بالحسد في البداية، لكن في المقابل، ليس الحسد بالضرورة شعورا مدمرا، فمن الممكن أن يدفعنا الحسد الحميد إلى أن نعمل بجد أكثر، وفقا لباحثين بجامعة ميشيغان، وجامعة ويسكونسن، ميلواكي بالولايات المتحدة، فقد طلب الباحثون من الطلاب أن ينظروا إلى صور تثير مشاعر الحسد وإلى نصوص على موقع فيسبوك وتويتر، تتضمن موضوعات عن شراء منتجات باهظة الثمن والسفر والإعلان عن خبر للخطبة أو الزواج.
لكن ما توصل إليه الباحثون في هذه التجربة هو نوع من الحسد الحميد، الذي يقول عنه الباحثون إنه من المرجح أن يدفع الشخص ليكون أكثر إجتهادا في حياته، ومن صور مخاطر السوشيال ميديا هو العزلة والوحدة، وقد توصلت دراسة نشرت في المجلة الأمريكية للطب الوقائي العام الماضي، والتي إستطلعت آراء نحو سبعة ألاف شخص ممن تتراوح أعمارهم بين التسعة عشر إلي الإثنين والثلاثين عاما، إلى أن الأشخاص الذين يقضون وقتا أكثر على مواقع التواصل الإجتماعي، يصبحون أكثر عرضة مرتين للشكوى من العزلة الإجتماعية، والتي يمكن أن تتضمن نقصا في الشعور بالإنتماء الإجتماعي، وتراجعا في التواصل مع الآخرين، وفي الإنخراط في علاقات إجتماعية أخرى.
ويمكن لقضاء مزيد من الوقت على مواقع التواصل الإجتماعي، كما يقول الباحثون، أن يؤدي إلى أن يصبح التواصل عبر الأجهزة الإلكترونية بديلا للتواصل وجها لوجه مع الآخرين، ويمكن أيضا أن يجعل الناس يشعرون بأنهم أكثر عزلة.