قصة قصيرة “وكَبُرت الطفلة”
بقلم الكاتبة : سلوى عبد الكريم
ليتها أدركت منذ البداية قبل إسدال أستار النهاية
أن كثرة التفاني والعطاء والحب دون مقابل يولد الأنانية
وأن محو الذات والنفس من أجل دعم ذات ونفس الأخر يولد التحكم والسيطرة
ليتها أدركت أن العلاقة منذ البداية كانت علاقة سامة
علاقة طفله فى الرابعة عشر من عمرها أتي إليها شاباً يريد الزواج بها وظن أباها فيه الخير وأختارو زوجا لها وتم إقناعها بشتى الطرق على الموافقة بعد البكاء والإعتراض منها على الحوار كله بشكلٍ عام فكان لها آمالاً أخرى تريد أن تحققها ولكن قدر الله لها ذلك فقد أعطا والدها كلمة وقرأ فاتحة مع والد الشاب وحدد ميعاداً رسمياً لقراءة الفاتحة في وجود الأهل للطرفين دون علمها ثم علمت أثناء دعوات الأهل لحضور قراءة فاتحتها
وبعد الفاتحة والتردد عليها وسماع معسول الكلمات قرابة عاماً ونصف عام أحبته بكل ما أوتيت من قوة واندفعت مشاعرها تجاهه تعلمت الحب على يديه وفتحت عينيها عليه وأول كلمات الحب سمعتها منه كان يهمس بها فى أذنيها وأول لمسه كانت من يديه فعشقته ولم ترى غيره وتمنت أن تمضى باقي عمرها الذي كان يبدء فى الظهور بجانبه وتفانت عمرا لراحته وعاشت تمجده وتوقره وتتعبد إليه وتقدم له قرابين التنازولات
عن كل حقٍ لها حتى تنول حبه ورضاه
ولكنها لم تجني حبه أو رضاه هههه ياللا السخرية
مما ألت إليه أحداث السنين الطوال !!
ولكن مخطئةً حقاً أنتى أيتها الطفله مهما كبرتي وأدركتي ورأيتي من أعمال من أفعال تفعل تجاهك طيلة سنين زواجك يدني لها الجبين لم يكن لك ردة فعل أو رفض أو غضب يحفظ لك ماء وجهك وتعززي به نفسك
فما كان منك غير القبول والإستسلام منذ البداية من أول يوماً بل من أول ساعة وكانت كلمات أبويك على السمع والطاعة لزوجك ووالديه واهله بمثابة قرأنا أنزل من السماء لا أعتراض ولا مناقشة ولا جدال فقد علمك أبويك كل الحقوق والواجبات لهم كل المسؤوليات التى يجب عليك فعلها كل الأوامر التي يجب عليك تنفيذها دون إعتراض دون ملل أو شكوى فلم تجدي في كلماتهم كلمة واحدة أنك لك حق مشروع فى شيء لم يعلموكي أنك إنسانه مثلما عليها واجبات تؤديها على أكمل وجه لها حقوق يجب أن تعطى لها وتنعم بها لم يعلموكى تقدير ذاتك فأصبحت حق مكتسب للجميع دون هداوة
يأتي الصباح إلى المساء لا تعرفي فى النطق سوى نعم وحاضر وتجيدين كل فعل وعمل في الواجبات والمسؤوليات والخدمات التي تؤل إليك على عاتقك ليلا ونهارا بنفس راضية صابرة دون ضجر أو ملل أو أمتعاض من تلك الأفعال والتصرفات والتدخلات السافرة حتى فى أنفاسك من الجميع
دون أدنى إحساس منك على نفسك أنك لك ولو بعض حق من الحياه من الحريه من الخصوصية من الراحة أو حتى من إحساس تشعرين به برغبة من عشقتي بوجودك جانبه في أوقات تواجده القليلة في المنزل بل تجديه زاهدا فيك يدعك فى خدمة والديه بعد إستنفاذ طاقتك طيلة النهار في خدمتهم وتلبية كافة إحتياجاتهم
ولكن لا يكفيه ولا يكفيهم هذا بل عليك بمواصلة النهار بالليل حتى يغلبهم النعاس حين ذاك يُسمح لك بالمغادره إلي مخدعك الذي لم يأتي هو إليه إلا فى الساعات الأخيرة من الليل والذي كان يفضل وجوده فيه بإصتحاب من يشعر معهم بالأنس وقت وجودك أنتى برفقة والديه لتلبية حاجاتهم فلما تتعجبين إذن مما آل بك وأصبحتي عليه
هذا نتاج ما صنعتي وتقبلتي ورضيتي به على نفسك منذ البداية هذا نتاج أدبك وصبرك والتزامك بالأصول والأعراف الذى علمكِ إياها أبويكِ الطيبين وبالغوا فى الطلب أن تؤديها على أكمل وجه وأديتي وفعلتي كل شيء وياليته كان يعلم عن الأدب والأصول والأعراف أو الحق أي شيء
والأن وقد علمتي وأنت في منتصف العمر أو أخره ما لكى وما عليكي وقد أنتهى الأمر دون أن تجني أو تغتنمي شيئ سوى إهداء عمرك وصحتك وجمالك وشبابك لمن لا يستحق ولم يقدر فلا تحزني واحتسيبى ما مضى عند الله وتزكرى لا بأس من ضياع العمر والصحة والجمال مقابل زهور الربيع فى عمرك
نعم زهور الربيع فى عمرك تستحق الكثير والكثير فلا تحزني ستبقي طفلتي الجميلة فى عيني مهما طال العمر بكى ، وسأكتب لكِ من الأحرف والكلمات مايداوي روحك العليلة وقلبك الجريح حتى تطيب نفسك وتعود إليكِ من جديد..
نعم كتب القلم وسيكتب كلمات داعبت القلب فشعر بها قبل القلم فكتب القلم معاني وكلمات صادقة رغم الحزن والألم المغلف بها إلا انها هى الحقيقة التى تمر بنا ونمر بها مهما إختلفت التفاصيل بيننا
فلكلاٍ منا تفاصيله ووقفته مع النفس فى وقتٍ ما يعيد فيها حساباته وما ألت عليه مجريات الأحداث فى حياته وما مدى قدرته علي التحمل والإستمرار وما هى الجدوى مما صنع ويصنع وهل جنى السعادة أم التعاسة النصر لذاته أم الهزيمة الرضا أم السخط القبول أم الرفض هى دائرة مغلقه نترنح داخلها وتُطيح بنا إلي أن يشاء الله ويقدر لنا ما يشاء من التغير فاللهم ان قدرت لنا التغير فتغيراً لأفضل الأحوال يااارب