الطائر والذئب والحريق
بقلم/محمد الكعبي
قصة من الخيال: يروى ان غابة احترقت، فهربت كل الحيوانات خارج الغابة باتجاه معاكس للنيران، وكان من ضمن الفارين الذئب، وهو يهرب مذعورا خائفا يتلفت يمينا وشمالا ثم نظر إلى الى السماء كأنه ينتظر المدد، فاشغله منظر عجيب، طائر يخالف الجميع في مسيره في الجو، يتجه نحو الغابة ويقترب من النيران المشتعلة ثم يهبط ثم يذهب خارج الغابة ثم يعود وتكررت هذه الحالة مرات، فاستغرب الذئب فسأله متعجبا من تصرفه، فقال له: هل انت مجنون أيها الطائر؟ الحيوانات كلها تهرب بعيدا عن النار المستعرة، وانت تخالفهم؟ هل انت ساذج؟ ماذا دهاك؟ هيا اهرب وابتعد عن لهيب النار.
فأجابه الطائر قائلا: بل انت المجنون أيها الذئب وليس انا. انت المجنون وكل الحيوانات، حين هربتم وتركتم الغابة تأكلها النيران، اما انا فاذهب إلى البحيرة واحمل الماء وأطفئ حريق الغابة، فإنها سكني وسكن اولادي واهلي وأحبائي، ترعرعت فيها، وأكلت من ثمرها، واستظللت بظلها، وعشت بين أغصانها، وكانت تغدق علي بخيراتها وعطائها، فهل عندما تحترق اتركها واذهب! مالك! انت المجنون ايه الذئب ومن هرب مثلك، فقال له الذئب وماذا تفعل تلك القطرات من الماء امام هذا الحريق الكبير؟
فأجابه الطائر بلسان المخلص: انا اؤدي واجبي وتكليفي، واني اعلم انه قليل، لكن هذا لا يمنعني من ان اقوم ما أستطيع ان أقوم به. فبهت الذئب من رده.
هنا تدخلت روح الغابة، وامرت السحب ان تتجمع وتطفئ النار لأنها تأثرت بكلام الطائر فاستجابت له، فخمدت النيران.
كم منا من قام بواجبه وأدى ما عليه؟ وليس بالضرورة ان يكون عمله كبيرا وواضحا، فقد يكون العمل صغيرا، ولكن لو اجتمعت كل المساهمات لأثرت، عندها تتدخل رحمة الله تعالى حتما.