الدكرورى يكتب عن والي مصر قرة بن شريك العبسي “جزء 1”
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
والي مصر قرة بن شريك العبسي “جزء 1”
قرة بن شريك العبسي، وهو والي مصر من قبل الخليفة الأموى الوليد بن عبد الملك الأموي، وقد عزل به أخاه عبد الله بن عبد الملك، في بداية شهر ربيع الأول سنة تسعين من الهجره، وكانت مصر عبر العصور وما زالت مهدا لكثير من الحضارات والممالك التي قامت على أرضها، حيث تمتد حضارتها إلى سبعة آلاف سنة قبل الميلاد، وتمتاز بمناخها المعتدل، وأرضها المنبسطة، وموقعها الجغرافي المميز الذي يربط بين قارتي آسيا وأفريقيا، كما ترتبط بقارة أوروبا عن طريق البحر الأبيض المتوسط، وتمتاز أيضا بالعديد من الأماكن المميزة والآثار الموجودة فيها، بالإضافة إلى وجود نهر النيل منذ القدم فيها كمصدر ثابت للمياه، وتمتاز مصر بأنها من أكبر الدول العربية من حيث المساحة والتعداد السكاني، وقد أطلق عليها اسم أم الدنيا بالإضافة إلى مجموعة من الأسماء الأخرى.
مثل أرض الحضارة، وأرض الخزائن، وأرض الكنانة، وهبة النيل، ومصر ام الدنيا حقيقة دينية وتاريخية وهى نسبة للسيدة هاجر زوجة نبى الله إبراهيم الخليل عليه السلام، حيث هى من مصر وولد نبى الله إبراهيم عليه السلام فى العراق وانتقل وعاش بين مصر والشام وتزوج السيدة هاجر وهى من مصر وبعدها انتقل للجزيرة العربية، وتم تعمير الجزيرة العربية التى لم يسكن بها بشر من قبل، وتم رفع قواعد البيت العتيق، لهذا سميت مصر أم الدنيا وهو كشىء تقليدى ودينى من ألاف السنين بإعتبار أن السيدة هاجر هى أم أنبياء الله وام سيدنا إسماعيل وأم العرب وهى مصرية، وكما كان تكريم للسيدة هاجر وذلك متوارث من ألاف السنين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن أهل مصر فى حديث صحيح “ستفتح عليكم بعدي مصر فاستوصوا بقبطها خيرا فإن لهم ذمة ورحما ”
وقال ابن كثير رحمه الله والمراد بالرحم أنهم أخوال إسماعيل بن إبراهيم الخليل عليهما السلام، وأمه هاجر القبطية وهو الذبيح على الصحيح وهو والد عرب الحجاز الذين منهم النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم وأخوال إبراهيم ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمه السيده مارية القبطية، وهى ماريه بنت شمعون، وقد رفع عنهم معاوية الجزية، إكراما لإبراهيم ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا فى تفسير ابن كثير، وما يؤكد هذا دعاء سيدنا نوح لابنه حيث أن مصرايم بن حام والذى سميت مصر نسبة له حيث الجنس الحامى وهو أول من سكن مصر بعد، وأيضا طوفان سيدنا نوح ودعا لهم نوح بهذا الدعاء وقولة أن مصر أم البلاد، وأما دعاء نوح عليه السلام لها فقال عبدالله بن عباس رضى الله عنهما، دعا نوح عليه السلام لابنه مصرايم بن حام أبو مصر.
فقال اللهم إنه قد أجاب دعوتى، فبارك فيه و فى ذريته وأسكنه الأرض الطيبه المباركه التى هى أم البلاد وغوث العباد، وهذا فضلا عن أنها فى سورة يوسف سميت خزائن الأرض، ومن وجهة النظر التاريخية، فقد سميت مصر بأم الدنيا لأن مصر كانت موجودة أثناء قيام الإمبراطورية الرومانية باحتلالها، وكانت الدولة المصرية هي المصدر الأساسي وتقريبا الوحيد بتزويد القمح للإمبراطورية الرومانية، وباعتبارها المصدر الأساسي للطعام لهم، أطلق الرومان اسم أم الدنيا على مصر، وأما عن قرة بن شريك العبسي، وهو ما نتكلم عنه فقد قال الكندي رحمه الله تعالى، عن مصر ثم وليها قرة بن شريك العبسى، للوليد على صلاتها وخراجها، فقدمها يوم الإثنين لثلاث عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول سنة تسعين من الهجره، فأقر عبد الأعلى بن خالد على الشرط.
وأخذ عبد الله بن عبد الملك بالخروج عن مصر، فخرج عبد الله بكل ما يملك، فلما بلغ الأردن تلقاه رسل الوليد، فأخذوا كل ما كان معه، وكان عبد الله والى مصر قبل قرة بن شريك العبسى، وهو عبد الله بن عبد الملك ابن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف، وكان يكنى أبا عمر، وقد تولى إمارة مصر من قبل أبيه، على صلاتها وخراجها، فدخلها يوم الاثنين لإحدى عشرة ليلة خلت من جمادى الآخرة سنة ست وثمانين هجرية، وهو يومئذ ابن سبع وعشرين سنة، وقد تقدم إليه أبواه أن يعفي آثار عمه عبد العزيز، لمكانه من ولايه العهد، فاستبدل بالعمال عمالا، وبالأصحاب أصحابا، وأراد عبد الله بن عبد الملك عزل عبد الرحمن بن معاوية بن حديج عن الشرط، فلم يجد عليه مقالا ولا متعلقا، فولاه مرابطة الإسكندرية.