الدكرورى يكتب عن عقبه بن أبي معيط ” جزء 2″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
عقبه بن أبي معيط ” جزء 2″
ونكمل الجزء الثاني مع عقبه بن أبي معيط ، ولما بصق عقبة في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم رجع بصاقه في وجهه وشوى وجهه وشفتيه، حتى أثر في وجهه وأحرق خديه، فلم يزل أثر ذلك في وجهه حتى قتل، فنذر النبي صلى الله عليه وسلم، قتله، فلما كان يوم بدر، وخرج أصحابه أبى أن يخرج، فقال له أصحابه أخرج معنا، قال وعدني هذا الرجل إن وجدني خارجا من جبال مكة أن يضرب عنقي صبرا، فقالوا لك جمل أحمر لا يدرك، فلو كانت الهزيمة طرت عليه، فخرج معهم، فلما هزم الله المشركين، وحمل به جمله في جدود من الأرض، فأخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم أسيرا في سبعين من قريش، وقدم إليه أبو معيط، فقال أتقتلني من بين هؤلاء؟ قال ” نعم بما بزقت في وجهي ” فأنزل الله في أبي معيط ” ويوم يعض الظالم على يديه، يقول يا ليتنى اتخذت مع الرسول سبيلا” من سوره الفرقان.
فقتله النبي صلى الله عليه وسلم يوم بدر صبرا، وهى غزوة بدر، وهي غزوة وقعت في السابع عشر من رمضان في العام الثاني من الهجرة، بين المسلمين بقيادة النبي صلى الله عليه وسلم، وقبيلة قريش ومن حالفها من العرب بقيادة عمرو بن هشام المخزومي القرشي، وتعد غزوة بدر هى أول معركة من معارك الإسلام الفاصلة، وقد سميت بهذا الاسم نسبة إلى منطقة بدر التي وقعت المعركة فيها، وبدر هى بئر مشهورة تقع بين مكة والمدينة المنورة، وأما عن أميه بن خلف، فقد قتل أمية في المعركة أيضا فكان هذا من دلائل نبوة النبي صلى الله عليه وسلم، لأنه أخبر عنهما بهذا فقتلا على الكفر، وقيل أن الذي قتله هو الصحابي عاصم بن ثابت لما فعله مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، عندما قال الرسول ما كان يفعله عقبة ابن أبي معيط معه.
وأما عن عاصم بن ثابت بن أبي الأفلح، فهو صحابي من الأنصار، وهو من بني ضبيعة بن زيد من الأوس، وقد بايع النبي صلى الله عليه وسلم، بيعة العقبة، وشهد معه غزوتي بدر وأحد، وقتل يوم الرجيع، وقد كان عاصم بن ثابت بن أبي الأقلح بن عصمة من السابقين من الأنصار إلى الإسلام، وهو من بني ضبيعة بن زيد من الأوس، وأمه هي الشموس بنت أبي عامر بن صيفي ضبيعة، ولما هاجرالنبي صلى الله عليه وسلم، إلى يثرب، آخى بينه وبين عبد الله بن جحش، وقد شهد عاصم مع النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، غزوتي بدر وأحد، وكان ممن ثبتوا معه يوم أحد، وقد عُرف عنه مهارته في الرماية، وشجاعته، فقد رُوي أن النبي صلى الله عليه وسلم، سأل من معه ليلة العقبة أو ليلة بدر، فقال ” كيف تقاتلون؟ ”
فقام عاصم بن ثابت فأخذ القوس والنبل، وقال ” إذا كان القوم قريبا من مائتي ذراع كان الرّمي، وإذا دنوا حتى تنالهم الرماح كانت المداعسة حتى تقصف، فإذا تقصفت وضعناها وأخذنا بالسيوف وكانت المجالدة ” فقال النبي صلى الله عليه وسلم ” هكذا نزلت الحرب، من قاتل فليقاتل كما يقاتل عاصم” وقد أبلى عاصم يوم أحد بلاء حسنا، وقتل يومها من أصحاب اللواء من بني عبد الدار بن قصي الحارث ومسافع ابني طلحة بن أبي طلحة، فنذرت أمهما أن تشرب الخمر في رأس عاصم، وجعلت لمن جاء برأسه مائة ناقة، فقدم ناس من بني لحيان من هذيل على النبي صلى الله عليه وسلم، فسألوه أن يوجه معهم نفرا يقرئونهم القرآن ويعلمونهم شرائع الإسلام، فوجه في صفر سنة أربعه من الهجره، معهم سرية مرثد بن أبي مرثد وفيهم عاصم.
فلما قدموا بلادهم اجتمع عليهم نحو مائة من بطون رعل وذكوان ولحيان، فقالوا لهم ” استأسروا فإنا لا نريد قتلكم، وإنما نريد أن ندخلكم مكة فنصيب بكم ثمنا، فأبى عاصم إلا القتال، فرماهم حتى فنيت نباله، ثم طاعنهم حتى انكسر رمحه، فقاتلهم بالسيف، وقال ” اللهم إني حميت دينك أول النهار فاحم لي لحمي آخره ” فجرح منهم رجلين وقتل واحدا، ثم قتلوه، فأرادوا أن يحتزوا رأسه، فإذا بالدبر تحميه، ثم أمطرت السماء في الليل مطرا كثيفا حمله، فلم يصلوا إليه، وقد توفي عاصم وله من الولد محمد وأمه هى السيده هند بنت مالك بن عامر من بني جحجبا بن كلفة، وهكذا كانت الدعوة الإسلامية في بداية أمرها تتخذ مجرى السرية، فقد بدأ الرسول صلى الله عليه وسلم، بأمر من الله بتبليغ الرسالة للأقربين سرا، دون علم المشركين، وكان مقر الدعوة التي استمرت بشكل سري مدة ثلاث سنين في مكة المكرمة، إلى أن جاء الأمر من الله تعالى، بالجهر بتبليغ الرسالة.