الدكرورى يكتب عن والي المدينة عثمان بن حيان ” جزء 1″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
والي المدينة عثمان بن حيان ” جزء 1″
لقد قيل أنه قد تولى إمارة المدينة المنورة حوالي خمسمائة أميرا على مر العصور الإسلامية حتى وقتنا الحاضر، وكان أولهم مصعب بن عمير، في عهد النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وكان ذلك بعد الهجرة، وقد تبعت مكة المكرمة كإمارة في حكمها إداريا وسياسيا عشرة دول، أولها الدولة الإسلامية التي أسسها النبي صلى الله عليه وسلم، واستمرت إلى عهد الحسن بن علي عام واحد وأربعين من الهجره، ثم تلتها الدولة الأموية واستمرت تحكم المدينة واحد وتسعين سنة وهى مدة خلافة الأمويين، ثم تلتها الدولة العباسية، وهكذا ظلت المدينة المنورة ولاية تابعة للدول الإسلامية المتتابعة حتى انضوائها تحت الدولة السعودية.
وفى زمن الخلافه الأمويه قيل أنه قد عزل الخليفه الأموى الوليد بن عبد الملك، الوالى عمر بن عبد العزيز عن الحجاز والمدينة، وكان سبب ذلك أن عمر بن عبد العزيز كتب إلى الوليد يخبره بعسف الحجاج بن يوسف الثقفى على أهل العراق واعتدائه عليهم وظلمه لهم بغير حق، فبلغ ذلك الحجاج بن يوسف فكتب إلى الخليفه الوليد إن من عندي من المراق وأهل الشقاق قد جلوا عن العراق ولحقوا بالمدينة ومكة، وإن ذلك وهن، فكتب إليه الوليد يستشيره فيمن يوليه المدينة ومكة، فأشار عليه بخالد بن عبد الله وعثمان بن حيان، فولى الخليفة الوليد على مكه خالد بن عبد الله، وولى على المدينه عثمان بن حيان، وعزل عمر بن عبد العزيز، عنهما، فلما خرج عمر بن عبد العزيز من المدينة قال.
” إني أخاف أن أكون ممن نفته المدينة ” وهو يعني بذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم” أن المدينه تنفي خبثها ” وكان عزله رضى الله عنه، عن مكه والمدينه في شهر شعبان، ولما قدم خالد مكة أخرج من بها من أهل العراق كرها، وتهدد من أنزل عراقيا أو أجره دارا، واشتد على أهل المدينة وعسفهم وجار فيهم، ومنعهم من إنزال عراقي، وكانوا أيام عمر بن عبد العزيز كل من خاف الحجاج لجأ إلى مكة والمدينة، وقيل أيضا إنما استعمل على المدينة عثمان بن حيان، وقد تقدم سنة إحدى وتسعين من الهجره، ولاية خالد مكة في قول بعضهم، فمن هو عثمان بن حيان، الذى تولى أمر المدينه المنوره بعد الوالى عمر بن عبد العزيز فى ذلك الوقت .
فهو عثمان بن حيان بن معبد بن شداد بن نعمان بن رباح بن أسعد بن ربيعة بن عامر بن يربوع بن غيظ بن مرة بن عوف بن سعد بن ذبيان بن بغيض بن ريث بن غطفان بن سعد بن قيس عيلان بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان المري، وهو يلقب بأبي المغراء الدمشقي، وقد كان رجلا من أهل الخير، وذكر ابن حبان أنه كان ثقة في الحديث، ويروي عن أم الدرداء، وقد ولاه الوليد بن عبد الملك على المدينة سنة ثلاثه وتسعين من الهجره، بعد أن عزل عمر بن عبد العزيز عنها، وذلك برأي من الحجاج بن يوسف الثقفي، فجعل عثمان يؤذي من كان من خاصة عمر بن عبد العزيز، فلما ولي سليمان بن عبد الملك الخلافة عزل عثمان بن حيان سنة سته وتسعين من الهجره، عن المدينة، وولى عليها أبا بكر بن محمد بن حزم.
وكان سبب ذلك ، كما ذكرنا وهو أن عمر بن عبد العزيز كتب إلى الوليد بن عبد الملك يخبره بعسف الحجاج بن يوسف، أهل عمله بالعراق، واعتدائه عليهم، وظلمه لهم بغير حق ولا جناية، وأن ذلك بلغ الحجاج، فاضطغنه على عمر، وكتب الحجاج إلى الوليد بن عبد الملك، يخبره، أن من قبلي من مراق أهل العراق وأهل الشقاق، قد جلوا عن العراق ولجئوا إلى المدينة ومكة، وأن ذلك وهن، فكتب الوليد إلى الحجاج أن أشر علي برجلين، فكتب إليه يشير عليه بعثمان بن حيان المري، وخالد بن عبد الله القسري، فولى خالدا مكة، وعثمان بن حيان المدينة، وعزل عمر بن عبد العزيز وتولى عثمان بن حيان المري المدينة في شعبان سنة ثلاثه وتسعين من الهجره.
وعندما تولى عثمان بن حيان المرى، إمارة المدينه فقد خطب عثمان بن حيان، بهم وهو أحد عمال الحجاج بن يوسف على أهل المدينة قائلا ” أيها الناس، إنا وجدناكم أهل غش لأمير المؤمنين، في قديم الدهر وحديثه، وقد ضوى إليكم من يزيدكم خبالا، أهل العراق هم أهل الشقاق والنفاق، هم والله عش النفاق، وبيضته التي تفلقت عنه، والله ما جربت عراقيا قط إلا وجدت أفضلهم عند نفسه الذي يقول في آل أبي طالب ما يقول، وما هم لهم بشيعة، وإنهم لأعداء لهم ولغيرهم، ولكن لما يريد الله من سفك دمائهم، فإني والله لا أوتى بأحد آوى أحدا منهم، أو أكراه منزلا، ولا أنزله إلا هدمت منزله، وأنزلت به ما هو أهله، ثم إن البلدان لما مصرها عمر بن الخطاب، وهو مجتهد على ما يصلح رعيته.