الانسان الخليفة
بقلم : محمد الكعبي
لم يكن الصراع قائما بين العلم والايمان، بل هما متلازمان ويشكلان الصورة الناصعة للانسان الخليفة، يكمل أحدهما الاخر، فالايمان يحتاج العلم والعكس كذلك، والا اصبح المؤمن يعيش البؤس والتراجع والكهوفية، والعلم بلا ايمان يكن وباءا ووبالا يمزق الوجود بلا رادع ليرضي غروره ولايقف عند حد، بل يتجاوز المعقول، فيجعل اخيه الانسان حقل تجارب، ويمزق حياة الآخرين من أجل اثبات وجوده، ويبيد البشرية لإرضاء غروره وبسط نفوذه، حتى يدعي انا ربكم الاعلى.
الانسان الخليفة بمدرسته وجامعته وهو يدرس ويتعلم ويُعلّم، ويبني ويتطور ويتقدم ليعيش هو واخوته وابناء جنسه في بحبوحة من الراحة والسعادة من خلال التطور العلمي والبناء العمراني والحضاري، فيستعمر الارض والسماء لسعادته.
الانسان الخليفة في تقواه يجسد البعد القرآني بأخلاقه السماوية، فالإيمان يجعل الانسان منضبطا بحركاته وافكاره وغاياته، يقيده ويعيده عندما يطرأ عليه انحراف، فهو جرس انذار ينبهه عند الغفلة ليتوقف ويمعن النظر اذا واجهه الخطر. التقوى تبني انسان ليصنع بالعلم والايمان، المعجزات، ليصبح عالما عاملا لكل خير، ومعطاء يملك فكرة ومنهجا وهدفا واخلاقا، ويعرف ان هناك من يراقب ويحاسب ويثيب.
ان الورع يعلم الطبيب والمهندس والمعلم والنجار والسياسي، أن يكون صالحاً يحب ابناء جنسه، يتعاطى معهم لانهم شركائه في الارض ورفاقه في طريق الحياة، واخوته في الدين أو نظرائه في الخلق، ويعلم الانسان الخليفة كيف يبني روحه وعقله ويعيد له نفسه التائه في زحام التكنلوجيا، ليشعره بان عمله يراه غيره، الايمان يُهدأ النفوس المضطربة ويعيدها إلى نقائها واستقرارها، ويذكره بالغيب الذي قد نسيه الانسان في خضم الصراع والتزاحم من أجل الدنيا.
الروح والجسد، الدنيا والاخرة، الارض والسماء، التراب والماء، الخير والشر، اليل والنهار، كل شيء يحتاج إلى العلم والايمان، ابليس كما هو موجود في الجامعة كذلك موجود في المسجد، فكم جامعة خرجت عالم قتل وشرد الملايين، وكم من مسجد اجتمع فيه مجرمون، علينا ان نحترم العلم والتخصص، فالدين والعلم والجامعة والمسجد والايمان تتكامل فيها شخصية الانسان الخليفة من أجل تصحيح المسار، وتعديل الانحراف، وتوضيح الترسيم الحقيقي لفهم الإسلام الصحيح، بلا زيغ أو انحراف، فالعلم والايمان منهج حياة، والانسان الخليفة هو من يحدد مصيره ويكتب قصته ويحدد نهايته.