أخبار سياسية - اقتصادية - فنية - رياضية - عربية - دولية

مؤذن الرسول بلال بن رباح ” جزء 5″

الدكرورى يكتب عن مؤذن الرسول بلال بن رباح ” جزء 5″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

مؤذن الرسول بلال بن رباح ” جزء 5″

ونكمل الجزء الخامس مع مؤذن الرسول بلال بن رباح، وقيل أنه ذهب يوما يخطب لنفسه ولأخيه زوجتين فقال لأبيهما أنا بلال وهذا أخى، عبدان من الحبشة، كنا ضالين فهدانا الله، وكنا عبدين فأعتقنا الله، إن تزوجونا فالحمد لله، وإن تمنعونا فالله أكبر، وكان بلال رضى الله عنه من السابقين إلى الإسلام، المصدقين به، وكان طاهر القلب، متقدم الهِجرة، فكان من السبعة الأوائل الذين أظهروا إسلامهم، وبذل نفسه فى سبيل الله تعالى حيث آذاه قومه، وجعلوا الولدان يطوفون به في مكة، وهو يقول “أحد أحد” وكان من مناقبه رؤية النبى صلى الله عليه وسلم له في الجنة، لقوله صلى الله عليه وسلم له ” يا بلال بم سبقتنى إلى الجنة؟ إننى دخلت البارحه الجنة فسمعت خشخشتك أمامى” وكان عمر بن الخطاب رضى الله عنه يقول عنه “أَبو بكر سيدنا، وأعتق سيدنا”

وإطلاق السيادة عليه من مناقبه العظيمة، وكان خازنا للنبى صلى الله عليه وسلم على بيت المال، وكان حامل لعنزة النبى صلى الله عليه وسلم أى السترة التى يصلى إليها المصلي لتكون حاجزا بينه وبين المارة، فقد جاء عن ابن عمر رضى الله عنه أن بلال كان يحمل العنزة لرسول الله صلى الله عليه وسلم فى يوم العيد وهو يؤذن، وكان مؤذن النبى صلى الله عليه وسلم فهو أول من أذن له فى الإسلام، وكان ممن تعرض للأذى في الدين فصبر، وكان شديد التوكل على الله تعالى، وتوفى بلال بالشام، ولكن اختلف فى مكان وزمان وفاته، فقيل مات سنة عشرين من الهجرة بدمشق، ودفن بباب الصغير، وعمره بضع وستين سنة، وقيل مات سنة واحد وعشرين من الهجرة وقيل مات فى طاعون عمواس سنة سبعة عشر أو ثمانى عشر من الهجرة وقيل مات فى داريا.

وقيل مات بحلب، وهو ابن سبعين سنة، ويُروى أنه لما حضرته الوفاة، قال “غدا نلقى الأحبة محمدا وحزبه، فقالت امرأته واويلاه، فقال وافرحاه” وهكذا العظماء في الأمم تبقى أخبارهم خطوطا عريضة لا تستوعب سنوات حياتهم، ولعل جزءا من سبب ذلك، أنهم يخفون أنفسهم فهم لا يريدون فى الأرض علوا ولا فسادا همهم ما عند الله، ولكننا لا نحرم أنفسنا من التأمل في سير الصالحين وأخبار السابقين فبذكرهم تطيب المجالس وتحلو الأحاديث فهم النجوم إذا رفع أهل الدنيا نجومهم، وهم القدوات للأجيال حينما يغشون بقدوات إعلامية لم تعرف بصلاح ولا نصح، وقد غفل عن الصادقين من جيل الصحابة، وهي مسؤولية المربين من الآباء والمعلمين ألا فلنغرس في أنفسنا وأنفس أولادنا حب الصحابة ولننشر قصصهم فحق على كل ناصح ألا يخلي بيته من كتاب.

في سير الصحابة يطالع هو فيه ويحث أولاده على المطالعة فيه ويناقشهم ويدارسهم تلك الأخبار الناصحة والبطولات النادرة، ومن دروس سيرة الصحابى الجليل بلال رضى الله عنه هذه السنة المجهولة أو المهجورة أنه ما توضأ فى أي ساعة من ليل أو نهار إلا صلى ما شاء الله أن يصلى وهي ما يقال عنها بسنة الوضوء وهى من أسباب دخول الجنة بل من أسباب السبق فى دخولها، وفيها أيضا المحافظة على الوضوء، وأن الإنسان يبقى على طهارته وإن لم يرد صلاة وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم “لا يحافظ على الوضوء إلا مؤمن” أما صبر بلال على ثباته في هذا الدين الذي اختاره لنفسه ورضيه له ربه فهو درس أبلغ من أن يشار إليه فأين الإنهزاميون الذين تتقلب بهم الأهواء وتلهيهم النعمة، وتعصف بهم النغمة وينتكسون بسبب النظرة؟

أين هم ممن وضع على صدره الصخرة، وأوذى ليقول لهم فقط الكلمة ؟ ولكنه قال الكلمة التي يريدها الله أحد أحد، ولم يزل بلال رضي الله عنه ثابتا بتثبيت الله لازم المدينة مؤذنا في المسجد النبوى حتى توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأحتسب موته وباشر مع الصحابة دفنه وتذكر الروايات أنه هو الذى صب الماء على قبره من قربه معه ، ثم لم تطب نفسه بالبقاء بعد فراق حبيبه فاستأذن أبا بكر رضي الله ليلحق بالمجاهدين في بلاد الشام فأذن له فلم يزل هناك حتى توفى زمن عمر رضي الله عنهما وله بضع وستون سنة ودفن هناك، ويروى أن عمر لما فتح بيت المقدس ألح عليه أن يؤذن فيه لصلاة الظهر من يوم الفتح، وهو يوم عظيم حضره جمع غفير من الصحابة وأفاضل التابعين وجاء فى الرواية أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه.

قال لبلال رضى الله عنهما أسألك بالله يا بلال أن تؤذن لنا، فقال أعفنى يا أمير المؤمنين، قال أسألك أن تذكرنا أيامنا الأولى، فأجاب محرجا من طلب أمير المؤمنين وطلب من معه إلا أنه لم يستطع أن يكمل الأذان من البكاء بعد أن سبقه بكاء عمر وبكى الناس معه قال زيد بن أسلم عن أبيه قدمنا الشام مع عمر فأذن بلال فذكر الناس النبى صلى الله عليه وسلم فلم أر باكيا أكثر من يومئذ فرضى الله عن بلال وعن عمر وعن الصحابة أجمعين وألحقنا بهم فى السابقين، وجمعنا وإياكم بهم في جنات النعيم مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وكان بلال بن رباح رضي الله عنه أول من آمن من العبيد، حيث كان يرعى غنما لعبد الله بن جدعان، فرآه النبى صلى الله عليه وسلم وهو معتزلا فى الغار مع أبي بكر رضى الله عنه، فناداه وطلب منه اللبن، فأخبره أنه ليس معه إلا شاة واحدة، فطلب منه أن يأتى بها فحلبها النبى صلى الله عليه وسلم وشرب حتى ارتوى، ثم سقى أبا بكر وبلال رضى الله عنهما منها.