الدكرورى يكتب عن اليقين ملاك القلب وكمال الإيمان ” جزء 1″
بقلم / محمـــــد الدكـــــرورى
اليقين ملاك القلب وكمال الإيمان ” جزء 1″
إن اليقين هو العلم التام الذي ليس فيه شك، ومعنى اليقين هو سكون القلب عن العمل بما صدق به القلب وقال ” بن القيم رحمه الله” لايتم صلاح العبد في الدارين إلا باليقين والعافية ولأهمية اليقين فقد نبه الله عز وجل نبيه محمد صلي الله عليه وسلم إلي عدم الركون إلي أهل الشك من الكفار والمنافقين واليقين ذكر البعض أنه الإيمان كله قال بعض السلف “الصبر نصف الإيمان واليقين الإيمان كله” وقال بن القيم رحمه الله “اليقين من الإيمان بمنزلة الروح من الجسد” وباليقين تفاضل العارفون وفيه تنافس المتنافسون وإليه شمر العاملون، وعن الحسن أن أبا بكر خطب الناس فقال “قال رسول الله صلي الله عيه وسلم يا أيها الناس أن الناس لم يعطوا في الدنيا خيرا من اليقين والمعافاة”
واليقين ثلاث درجات الأولي علم اليقين وهو العلم الجازم المطابق للواقع والثانية عين اليقين وهو بأنك تشاهد الأمر، والثالث حق اليقين وهو المخالطة والملابسة، فأهل اليقين يعلمون أيمانا جازما لوجود الله عز وجل والجنة والنار ويوم القيامة وإنهم سيحاسبون عن أعمالهم بعد الموت ويزيد هذا الإيمان إلي الدرجة التي بعدها إلي اليقين، ومن صفات أهل اليقين المتقين انهم يفكرون في ملكوت السموات والأرض وبما خلق الله عز وجل في هذا الكون ويرون عظمة الله في خلق السموات والأرض والجبال والبحار وغير ذلك فيزيد لدى المسلم اليقين بالله عز وجل وعظمة قدرته سبحانه وتعالي .
وأهل اليقين يوقنون أن النفع والضر بيد الله تعالي، ومن صفات أهل اليقين الكامل بأن الرزق ليس بيد أحد من البشر وأن هو بيد الله وحده لا شريك له “وفي السماء رزقكم وما توعدون فورب السماء والأرض أنه لحق مثل ما أنكم تنطقون” لذا تجدهم يتصدقون ولا يخشون الفقر، وقيل اليقين هو مشاهدة الغيوب بصفاء القلوب، وملاحظة الأسرار بمحافظة الأفكار، فاليقين هو أن يكون العبد مؤمنا بالله عن جزم وعن يقين، ويؤمن بأن الله ربه المعبود بحق، وأنه لا يستحق العبادة سواه، وأنه خالق كل شيء وأنه الكامل، في ذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله، وأنه رب العالمين، وأنه الخلاق العليم، وأنه لا رب سواه ولا خالق غيره، فاليقين من أهم أعمال القلوب، والتي تجعل القلب مستقرا ومطمئنا، وأصحاب اليقين هم أهل الذكاء والفطنة الأكياس .
وفي يوم من الأيام خرج رسول الله صلى الله عليه و سلم ومعه أصحابه الكرام رضي الله عنهم في سفر، وكان السفر طويلا وشاقا، فتعب الصحابة من ذلك السفر، فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى صاحبه ومولاه وخادمه قيس وقال له إبسط كساءك، فأسرع قيس إلى تلبية أمر الرسول صلى الله عليه وسلم فرحا ومسرورا وبسط ثوبه، فأقبل الصحابة وجعلوا يضعون أشياءهم ومتاعهم في الكساء، فمنهم من ألقى سيفه ومنهم من ألقى رمحه، وكانت هذه أسلحتهم التي يقاتلون بها الكفار أعداء الله.
فلما امتلأ الكساء حمله النبي الكريم صلى الله عليه وسلم لقيس رضي الله عنه ثم قال وهو يلاطفه و يداعبه احمل، ما أنت إلا سفينة، سماه الرسول صلى الله عليه وسلم سفينة لأنه يحمل الأمتعة في السفر كما تحملها السفينة، ففرح قيس بهذا الإسم، وقال لو حملت في ذلك اليوم أكثر مما يحمله بعير أو بعيران أو خمسة أو ستة ما ثقل علي، وذلك ببركة النبي صلى الله عليه وسلم الذي سماه سفينة، فصار يحمل مثل السفينة أثقالا كثيرة، ولأنه سارع في طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم وأعان أصحابه لم يتعب من حمل هذه الأشياء الثقيلة.