المنّ والسلوي في رحلة التيه ” جزء 12″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
ونكمل الجزء الثانى عشر مع المنّ والسلوي في رحلة التيه، وقال الرب “إن جميع الرجال الذين رأوا مجدي وآياتي، ولم يسمعوا لقولي، لن يروا الأرض التي حلفت لآبائهم، وجميع الذين أهانوني لن يروها، أما عبدي كالب، فمن أجل أنه كانت معه روح أخرى
، وقد اتبعني تماما، أدخله الأرض التي ذهب إليها وزرعه يرثها” ويقف كالب بطلا من أبطال الإيمان لأنه اتبع الرب تماما هو ويشوع بن نون، وفي نهاية الأربعين السنة من التجوال في البرية تأديبا لهم من الله تعالى، دخل كالب ويشوع إلى أرض الموعد، وأصبح على كل سبط أن يمتلك الأرض التي منحت له بالقرعة، ومع أن كالب كان قد أصبح متقدما في الأيام، فهو ابن خمس وثمانين سنة، إلا أنه كان مازال رجل الإيمان.
متشددا بالرب، وطلب من يشوع أن يعطيه الجبل وقرية أربع الرجل الأعظم في بني عناق العمالقة الذين أخافوا الجواسيس من قبل، وكأنه كان يريد أن يثبت للشعب أنه كان في إمكان آبائهم أن يدخلوا إلى الأرض ويمتلكوها منذ أربعين سنة لو أنهم آمنوا واتكلوا على الرب، وطرد كالب من هناك بني عناق الثلاثة
، وأراد كالب أن يحرض الشباب حوله، فقال لهم “من يضرب قرية سفر ويأخذها، أعطيه عكسة ابنتي امرأة، فأخذها عثنيئيل بن قناز، ابن أخي كالب، فأعطاه عكسة ابنته امرأة، وأصبح عثنئيل أول قاض لإسرائيل لمدة أربعين سنة، حقا إنه تحد صعب، فالأسهل على الإنسان أن يركب الموجة ويسير مع التيار، لكن الأمانة لله تتطلب أن يقف الإنسان منفردا إذا لزم الأمر لكي يشهد للحق ويمجد الله.
وكان كالب لم تسمع في الأخبار شيئا من نبوته وكان خليفة يوشع بن نون، وتحته مريم بنت عمران أخت نبى الله موسى بن عمران وهو أحد الرجلين اللذين قال الله تعالى ” قال رجلان من الذين يخافون أنعم الله عليهما” فلما احتضر استخلف ابنا له لوساقانين
، وقد أمر الناس باتخاذ الأرض وأخذ العشر من غلاتها لارزاق الجند وكان فيما ذكر كيقباذ يشبه في حرصه على العمارة ومنعه البلاد من العدو وتكبره في نفسه بفرعون وقيل إن الملوك الكيبية وأولادهم من نسله وجرت بينه وبين الترك وغيرهم حروب كثيرة وكان مقيما في حد ما بين مملكة الفرس والترك بالقرب من نهر بلخ لمنع الترك من تطرق شئ من حدود فارس وكان ملكه مائة سنة والله أعلم، ونرجع الان إلى ذكر أمر بني إسرائيل.
والقوام كانوا بأمورهم بعد يوشع بن نون والاحداث التي كانت في عهد زوو كيقباذ ولا خلاف بين أهل العلم بأخبار الماضين وأمور الأمم السالفين من أمتنا وغيرهم أن القائم بأمور بني إسرائيل بعد يوشع بن نون هو كان كالب بن يوفنا ثم حزقيل بن بوذى من بعده
وهو الذي يقال له ابن العجوز، وعن ابن إسحاق قال انما سمى حزقيل بن بوذى بن العجوز أنها سألت الله الولد وقد كبرت وعقمت فوهبه الله لها فبذلك قيل له ابن العجوز وهو الذي دعا للقوم الذين ذكر الله في الكتاب لمحمد صلى الله عليه وسلم كما بلغنا ” ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت” فقال وهب بن منبه أنه أصاب ناسا من بني إسرائيل بلاء وشدة من الزمان فشكوا ما أصابهم فقالوا يا ليتنا قدمتنا.
فاسترحنا مما نحن فيه فأوحى الله إلى حزقيل إن قومك صاحوا من البلاء وزعموا أنهم ودوا لو ماتوا فاستراحوا وأي راحة لهم في الموت أيظنون أنى لا أقدر على أن أبعثهم بعد الموت فانطلق إلى جبانة كذا وكذا فإن فيها أربعة آلاف،
قال وهب وهم الذين قال الله تعالى ” ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت” فقم فيهم فنادهم وكانت عظامهم قد تفرقت فرقتها الطير والسباع فناداها حزقيل فقال يا أيتها العظام النخرة إن الله عز وجل يأمرك أن تجتمعي فاجتمع عظام كل إنسان منهم معا ثم نادى ثانية حزقيل عليهم فقاموا، وقد أخبرنا الله تعالى في القرءان أن بني إسرائيل كانوا قبل بعثة نبى الله موسى عليه السلام مستضعفين في الأرض فقد كان فرعون يذبح أبناءهم ويستحيي نساءهم.
المنّ والسلوي في رحلة التيه ” جزء 12″