الدكرورى يكتب عن الرسول في غزوة خيبر “جزء 11”
بقلم / محمـــد الدكــــروري
الرسول في غزوة خيبر “جزء 11″
ونكمل الجزء الحادى عشر مع الرسول في غزوة خيبر، وعزل النصف الآخر، وهو ألف وثمانى مائة سهم، لنوائبه وما يتنزل به من أمور المسلمين، وإنما قسمت على ألف وثمانى مائة سهم، لأنها كانت طعمة من الله لأهل الحديبية من شهد منهم ومن غاب، وكانوا ألفا وأربعمائة، وكان معهم مائتا فرس، لكل فرس سهمان، فقسمت على ألف وثمانى مائة سهم، فصار للفارس ثلاثة أسهم، وللراجل سهم واحد، ويدل على كثرة مغانم خيبر ما رواه البخاري عن ابن عمر رضى الله عنهما قال ” ما شبعنا حتى فتحنا خيبر ” وما رواه عن السيدة عائشة قالت ” لما فتحت خيبر قلنا، الآن نشبع من التمر” ولما رجع النبي صلى الله عليه وسلم، إلى المدينة رد المهاجرون إلى الأنصار منائحهم التي كانوا منحوهم إياها من النخيل حين صار لهم بخيبر مال ونخيل.
ولقد كانت السيدة صفية بنت حيى بن أخطب، جعلت في السبايا حين قتل زوجها كنانة بن أبي الحقيق لغدره، ولما جمع السبي جاء دحية بن خليفة الكلبي، فقال يا نبي الله، أعطني جارية من السبي، فقال صلى الله عليه وسلم، اذهب فخذ جارية، فأخذ صفية بنت حيي، فجاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا نبي الله، أعطيت دحية صفية بنت حيي سيدة قريظة وبني النضير، لا تصلح إلا لك، قال “ادعوه بها” فجاء بها، فلما نظر إليها النبي صلى الله عليه وسلم قال “خذ جارية من السبي غيرها “ وعرض عليها النبي صلى الله عليه وسلم الإسلام فأسلمت، فأعتقها وتزوجها، وجعل عتقها صداقها” حتى إذا كان بسد الصهباء راجعا إلى المدينة حلت، فجهزتها له أم سليم، فأهدتها له من الليل، فأصبح عروسا بها.
وأولم عليها بحيس من التمر والسمن والسَّويق، وأقام عليها ثلاثة أيام في الطريق يبني بها، ورأى بوجهها خضرة، فقال “ما هذا؟” قالت يا رسول الله، رأيت قبل قدومك علينا كأن القمر زال من مكانه، وسقط في حجري، ولا والله ما أذكر من شأنك شيئا، فقصصتها على زوجي، فلطم وجهي، فقال تمنين هذا الملك الذي بالمدينة، ولم يخرج النبي صلى الله عليه وسلم، من خيبر حتى طهرت صفية من حيضها، فحملها وراءه فلما صار إلى منزل على ستة أميال من خيبر مال يريد أن يعرس بها، فأبت عليه، فوجد في نفسه، فلما كان بالصهباء نزل بها هناك فمشطتها أم سليم، وعطرتها، وزفتها إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وبنى بها، فسألها ” ما حملك على الامتناع من النزول أولا ” فقالت خشيت عليك من قرب اليهود، فعظمت في نفسه.
ومكث محمد بالصهباء ثلاثة أيام، وأولم عليها ودعا المسلمين، وما كان فيها من لحم وإنما التمر والأقط والسمن، فقال المسلمون إحدى أمهات المؤمنين أو ما ملكت يمينه، فلما ارتحل وطأ له خلفه ومد عليها الحجاب، فأيقنوا أنها إحدى أمهات المؤمنين، وكان جملة من استشهد من المسلمين في معارك خيبر ستة عشر رجلا، وهم أربعة من قريش وواحد من أشجع، وواحد من أسلم، وواحد من أهل خيبر والباقون من الأنصار، ويقال إن شهداء المسلمين في هذه المعارك واحد وثمانين رجلا، وقيل واحد وتسعين رجلا، ولما فرغ النبى صلى الله عليه وسلم من خيبر، قد انصرف إلى وادي القري، وكان بها جماعة من اليهود، وانضاف إليهم جماعة من العرب، فلما نزلوا استقبلتهم اليهود بالرمي، وهم على تعبئة، فقتل غلام يسمى مدعم.
وهو غلام للنبى صلى الله عليه وسلم، فقال الناس هنيئا له الجنة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم “كلا، والذي نفسي بيده، إن الشَّملة التي أخذها يوم خيبر من المغانم، لم تصبها المقاسم، لتشتعل عليه نارا” فلما سمع بذلك الناس جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم بشراك أو شراكين، فقال النبي صلى الله عليه وسلم “شراك من نار أو شراكان من نار” ثم عبَّأ النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه للقتال، وصفهم، ودفع لواءه إلى سعد بن عبادة، وراية إلى الحباب بن المنذر، وراية إلى سهل بن حنيف، وراية إلى عباد بن بشر، ثم دعاهم إلى الإسلام فأبوا، وبرز رجل منهم، فبرز إليه الزبير بن العوام فقتله، ثم برز آخر فقتله، ثم برز آخر فبرز إليه علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقتله، حتى قتل منهم أحد عشر رجلا، كلما قتل منهم رجل دعا من بقي إلى الإسلام.