أخبار سياسية - اقتصادية - فنية - رياضية - عربية - دولية

الرسول في غزوة خيبر “جزء 7”

الدكرورى يكتب عن الرسول في غزوة خيبر “جزء 7”

بقلم / محمـــد الدكــــروري

الرسول في غزوة خيبر “جزء 7”

ونكمل الجزء السابع مع الرسول في غزوة خيبر، وأيضا من الدروس هو تحريم وطء السبايا قبل استبراء الرحم، وكان هذا التحريم للسبايا غير الحوامل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فلا يأتى سبيا من السبى حتى يستبرئها ” والاستبراء هو أن تطهر المرأة في حيضة واحدة فقط، ولا تعتد، لأن العدة لا تجوز على الزوج الكافر، وقد ذكرنا إن الجديد في تلك الغزوة وما يختلف عن الغزوات السابقة، هي حصون اليهود وقلاعهم التي أقاموا بها، فمحاولة الهجوم عليهم تتطلب جهدا ضخما وتعبئة مناسبة ومؤونة كافية للجيش لفترة طويلة، والمسلمون لا يملكون هذه الطاقات في مقابل اليهود الذي قيل عنهم وهم أهل الحصون التي لا ترام، وسلاح وطعام كثير.

ولو حصروا لسنين لكفاهم، وماء متوفر يشربونه في حصونهم وما أرى لأحد بهم من طاقة، كما أن المسلمون لم يسبق لهم من قبل خبرة في قتال أهل الحصون إلا ما كان من بني قريظة يوم حربهم، وإن هذه الغزوة توضح معلما عاما لخطة النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، لتوحيد جزيرة العرب تحت راية الإسلام، وتحويلها إلى قاعدة لنشر الإسلام في العالمين، فقد خطط النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، ألا يسير إلى مكة إلا بعد أن يكون قد مهد شمال الحجاز إلى حدود الشام، وأن تكون الخطوة الأخيرة هي الاستيلاء على خيبر وغيرها من المراكز اليهودية شمال الحجاز وخاصة خيبر وفدك ووادي القرى، ليحرم القبائل المحيطة به من أي مركز يمكن أن يعتمدوا عليه في مهاجمة الدولة الإسلامية الناشئة، وقد فتح الله تعالى على رسوله أول الحصون حصن ناعم، ثم فتح بعده حصن القَموص.

ثم جعل النبي صلى الله عليه وسلم يفتح حصون خيبر واحدا تلو الآخر، وكلما فتح حصنا يهرب شراذم اليهود إلى الحصن الذي يليه، حتى انتهى إلى آخر حصونهم الوطيح والسلاَلم، فحاصرهم حصارا شديدا، حتى إذا أيقنوا بالهلكة ورأوا أن الدائرة عليهم، سألوا النبي صلى الله عليه وسلم أن يحقن دماءهم وأن يسيرهم ففعل، ثم سألوه أن يبقيهم على زراعة أرض خيبر مقابل نصف ما يخرج من ثمارها فأعطاهم ذلك، على أن يخرجهم متى شاء، وكان صلى الله عليه وسلم، قد حاز الأموال كلها الشق ونطاة والكتيبة وجميع حصونهم، وقد جرت أثناء القتال مبارزات عديدة ، أظهر فيها المسلمون شجاعة وإقداما عظيمين، وكان النصر فيها حليف المسلمين، ورأى اليهود منهم ما زلزلهم وقذف الوهن في قلوبهم، وقد سمع من وراء خيبر من اليهود كأهل فدك، بما حدث لإخوانهم في خيبر، فبعثوا للرسول صلى الله عليه وسلم يسألونه الصلح.

فصالحهم وحقن دماءهم وعاملهم في أموالهم وأراضيهم كأهل خيبر، أن يقوموا بها ولهم نصف الثمر، وتم الصلح بينهم على ذلك، وكانت فدك خالصة لرسول الله صلى الله عليه وسلم لأنهم لم يجلبوا عليها بخيل ولا ركاب، وكانت خيبر فيئا بين المسلمين، وسُر النبي صلى الله عليه وسلم، والمسلمون بنصر الله تعالى، وطابت نفوسهم برضاه تعالى عنهم، وبما رزقهم من الغنائم، وكانوا قد حازوا كثيرا من المغانم وأصابوا كثيرا من السبي، وكان من جملة السبي السيدة صفية بنت حيي بنت أخطب، فأسلمت رضي الله عنها، واصطفاها النبي صلى الله عليه وسلم لنفسه وتزوجها، وقد روى الإمام مسلم رحمه الله في صحيحه “أنه اعتق صفية وجعل عتقها صداقها” وقد رافق فتح خيبر قدوم جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه ومن معه من المهاجرين من أرض الحبشة، فوافوا الرسول صلى الله عليه وسلم بعد فتحه لخيبر وانتصاره على اليهود.

فسُر الرسول صلى الله عليه وسلم بقدومهم، وظهر عليه شعور من الفرح الغامر، فتلقاه وقبل جبهته وقال “ما أدري بأيهما أنا أفرح، بفتح خيبر أو بقدوم جعفر؟” وأشركهم في الغنائم مع المسلمين، وقال أبو موسى الأشعري رضي الله عنه وكان قد هاجر من اليمن فألقته وأصحابه السفينة في الحبشة، فبقوا هناك مع جعفر رضي الله عنه والمهاجرين “فأقمنا معه حتى قدمنا جميعا، فوافقنا النبي صلى الله عليه وسلم حين افتتح خيبر، فأسهم لنا أو قال، فأعطانا منها” وفى غزوة خيبر قد خرج صلى الله عليه وسلم، وأصحابه بروح إيمانية عالية، مخلصين لله موقنين بالنصر، مستبشرين بالغنيمة التي وعدهم الله إياها وهم في طريق عودتهم من الحديبية، وثارت الحمية في قلوب المسلمين لقتال عدوهم، ولم يفت في عضد المسلمين كثرتهم وقوتهم، إذ كانت يهود خيبر لا يظنون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، يغزوهم لمنعتهم وحصونهم وسلاحهم وعددهم.