الدكرورى يكتب عن الرسول في غزوة خيبر “جزء 4”
بقلم / محمـــد الدكــــروري
الرسول في غزوة خيبر “جزء 4”
ونكمل الجزء الرابع مع الرسول في غزوة خيبر، فقال سلمة، وما استغفر رسول الله صلى الله عليه وسلم لإنسان يخصه إلا استشهد، وقال فنادى عمر بن الخطاب وهو على جمل له، يا نبي الله، لولا متعتنا بعامر، وقال النووي، معنى وجبت، أي ثبتت له الشهادة وسيقع قريبا، وكان هذا معلوما عندهم أن من دعا له النبي الكريم صلى الله عليه وسلم هذا الدعاء في هذا الموطن استشهد، فقالوا، هلا أمتعتنا به، أي وددنا أنك لو أخرت الدعاء له بهذا إلى وقت آخر، لنتمتع بمصاحبته ورؤيته، وقال سلمة بن الأكوع لما كان يوم خيبر قاتل أخي عامر، قتالا شديدا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فارتد عليه سيفه فقتله، فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك، وشكوا فيه رجل مات في سلاحه، وشكوا في بعض أمره
فقال سلمة فرجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من خيبر، فقلت يا رسول الله ائذن لي أن أرجز لك، فأذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال عمر بن الخطاب، اعلم ما تقول، قال، فقلت والله لولا الله ما اهتدينا، ولا تصدقنا ولا صلينا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” صدقت” وأنزلن سكينة علينا، وثبت الأقدام إن لاقينا، والمشركون قد بغوا علينا، قال فلما قضيت رجزي، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم” من قال هذا؟ قلت، قال أخي, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” يرحمه الله” فقلت يا رسول الله إن ناسا ليهابون الصلاة عليه، يقولون رجل مات بسلاحه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” مات جاهدا مجاهدا” رواه مسلم، وفي رواية أخرى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “كذبوا، مات جاهدا مجاهدا، فله أجره مرتين، وأشار بإصبعيه”
وقد بدأت وقائع غزوة خيبر بعد مرور عشرين يوما على انتهاء صلح الحديبية، وتعتبر هذه الغزوة بمثابة بداية خطة طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم في توحيد جزيرة العرب في ظلال الدولة الإسلامية، وجعلها قاعدة لانطلاق الدعوة الإسلامية ونشرها في كافة أنحاء العالم، ووقعت معركة خيبر في مدينة خيبر، وهي من المدن ذات الحصون والقلاع، وتجري الأنهار من تحتها، وعرفت خيبر بثرائها نظرا لتعامل اليهود بالربا مع الدول المحيطة بها، وكان من أكثر مظاهر تعرضهم للإسلام هي إثارة بني قريظة وحثهم على خيانة المسلمين وغدرهم، وألحقوا بالمسلمين ظروفا صعبة بسبب ما أعدّوه لهم من مكائد، وقد وقعت غزوة خيبر سعيا من المسلمين لإيقاف أذى يهود خيبر المتمثل بإثارة الفتن وتشجيع بني قريظة على خيانة العهد مع المسلمين.
فتوّجه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مدينة خيبر ليوقف يهود خيبر وقبائل نجد عند حدهم، حتى تعيش المنطقة بهدوء وأمن وسلام تام، وحتى يضمن للمسلمين العيش بسلام والتخلص من الصراعات الدامية والتفرغ لنشر الدين الإسلامي ودعوة القبائل إليه، وبالرغم مما حققه المسلمون من انتصار في غزوة خيبر إلا أن بعض المصاعب في بداية الأمر قد واجهتهم وتمثلت بحصون اليهود التي كانوا يقيمون بها، فتطلب ذلك من المسلمين بذل جهود مضاعفة وتأمين الجيوش بالمؤن الكافية لهم طيلة أيام الغزوة، وكما أن هذه الغزوة الأولى بين المسلمين وأهل القلاع والحصون، وقد سقط ستة عشر شهيدا من جيوش المسلمين في ساحة المعركة، وبلغ عدد قتلى يهود خيبر أكثر من ثلاثة وتسعين قتيلا، وكان النصر حليف المسلمين.
وبعد أن سمع يهود تيماء بنبأ انتصار المسلمين واستسلام يهود خيبر بادروا بطلب الصلح من الرسول صلى الله عليه وسلم ووافق على ذلك ومنحهم كتابا ينص على “هذا كتاب محمد رسول الله لبني عاديا، أن لهم الذمة، وعليهم الجزية، ولا عداء ولا جلاء، الليل مد والنهار شد” وهكذا كان خروج المسلمين إلى خيبر وقد خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه بروح إيمانية عالية، مخلصين لله موقنين بالنصر، مستبشرين بالغنيمة التي وعدهم الله إياها وهم في طريق عودتهم من الحديبية، في قوله سبحانه وتعالى “وعدكم الله مغانم كثيرة تأخذونها فعجل لكم هذه وكف أيدى الناس عنكم” ولم يسمح النبي صلى الله عليه وسلم للمنافقين وضعفاء الإيمان الذين تخلفوا في الحديبية بالخروج معه، فلم يخرج معه إلا أصحاب الشجرة.