أخبار سياسية - اقتصادية - فنية - رياضية - عربية - دولية

التكبر والإستهانة بالناس ” جزء 2″

الدكرورى يكتب عن التكبر والإستهانة بالناس ” جزء 2″

بقلم / محمـــد الدكــــرورى

التكبر والإستهانة بالناس ” جزء 2″

ونكمل الجزء الثانى مع التكبر والإستهانة بالناس، وخير الناس من كان عند الله متواضعا، وقال ابن أبي سلمة قلت لأبي سعيد الخدري ما ترى فيما أحدث الناس من الملبس والمشرب والمركب والمطعم ؟ فقال يا ابن أخي كل لله واشرب لله والبس لله، وكل شيء من ذلك دخله زهو أو مباهات أو رياء أو سمعة فهو معصية وسرف، وعالج في بيتك من الخدمة ما كان يعالج رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم في بيته، فكان يحلب الشاة، ويخصف النعل، ويرقع الثوب، ويأكل مع خادمه، ويشتري الشيء من السوق لا يمنعه الحياء أن يعلق الإناء بيده، ويصافح الغني والفقير، ويسلم مبتدئا على كل من استقبله من صغير أو كبير، ويجيب إذا دُعي ولا يحقر ما دُعي إليه.

لين الخلق، جميل المعاشرة، طليق الوجه، شديدا في غير عنف متواضعا في غير مذلة، جوادا من غير سرف رقيق القلب وزادت عليه السيده عائشة رضي الله عنها، قالت وأنه صلى الله عليه وسلم، لم يمتلئ قط شبعا، ولم يبث إلى أحد شكوى وكان يقول ” البذاذة من الإيمان “رواه أبو داود، فالكبر سبب في الإعراض عن الحق، والبعد عن دين الله، والصرف عن آياته، فالمتكبر لا يقبل الحق، ولا ينتفع بآيات الله، ولا تؤثر فيه موعظة ولا نصيحة، والكبر داء يذل صاحبه، ويخزيه، ويحط من قدره عند الله وعند عباده، ويبعده عن الله، ويحجبه عن رحمته وعطائه، فكلما تكبر واستعلى ونظر إلى نفسه نظرة إجلال وإكبار نزل قدره، وسقط من أعين الناس، ومقته الله ومقته الناس.

ولكن ما السبيل إلى تطهير النفس من الكبر والغرور والخيلاء؟ وهل من علاج لهذا الداء الذي يعاني منه كثير من الناس؟ وهو يجب أن نعلم أن الكبر خلق ذميم، يبغضه الله ورسوله، ويبغضه كل صاحب عقل سليم وفطرة نقية، وهو خلق سيء لا يليق بإنسان عاقل، فضلا عن مسلم يرجو لقاء ربه والدار الآخرة، فكيف تتكبر على الله، وهو خالقك ورازقك؟ وتتكبر على عبادة ربك، وقد خلقت من أجلها، وفيها فلاحك ونجاتك وسعادتك؟ وفي تكبرك على عبادة الله هلاكك وخسرانك؟ وكيف تتكبر على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو الذي قد جاءك بهذا الدين العظيم، والقرآن الكريم الذي أنقذك الله به من الكفر إلى الإيمان، وأخرجك به من الظلمات إلى النور؟

فالكبر خلق ذميم في باطن الإنسان، والكبر آفته عظيمة، لا يقدر على قبول النصيحة، ولا يعطي حقوق الناس، وشر المتكبرين المتكبر على الله، وهذا أفحش الكبر، ولذلك كان فرعون عندما قال أنا ربكم الأعلى، أبغض الخلق إلى الله، والكبر أن تزدري الناس، والعجب أن ترى أن عندك شيئا ليس عند غيرك، ويوجد حتى في بعض المتعبدين، والكبر على العصاة حتى كأنه يرى الجنة خلقت له وحده، وأن النار خلقت لهؤلاء سيدخلونها قطعا، وربما غفر الله للعاصي وعذب هذا المتكبر، وينبغي علينا أن لا نعين المتكبرين، بل أن ننصحهم، فإن استكانة بعض الناس وذلهم يدفع المتكبرين إلى مزيد من التكبر، وبعض الناس يتكبر بالعلم والشهادة، فإذا صار في رتبة عالية من الشهادات الدنيوية نفخ صدره، ولم يعد يعرف من كان يصاحبه، ولذلك ترى هؤلاء مبغوضين مكروهين من الخلق.