ابن الأقصر .. أسد سيناء
انه ابن مركز ومدينة البياضية بمحافظة الأقصر أحد أبطال حرب أكتوبر وفارس من أنبل فرسان ميدان القتال في سيناء
انه أسد سيناء كما لقبوه انه البطل الشهيد سيد زكريا خليل جندي مصري من سلاح المظلات المصري من مواليد عام 1949م
ظلت قصة بطولته في طي الكتمان طيلة ثلاثة وعشرون عاما حتي اعترف بها أحد الجنود من قوات الجيش الاسرائيلي المشاركين في حرب أكتوبر وذلك في حفل للدبلوماسيين شارك فيه العديد من سفراء الدول ومنهم سفيري مصر وإسرائيل
وفي عام 1996 قرر قاتله ان يروي قصة بطلنا المغوحين قرر أن يحضر احتفالات مصر بعيدها القومي لتحرير سيناء بعد مرور 23 عاماً على انتصارات أكتوبر 1973، وأثناء تواجد السفير المصري تقدم رجل أعمال يهودي يعيش في ألمانيا وطلب مقابلة السفير لأمر هام، وعندما تمت المقابلة قدم رجل الأعمال نفسه بأنه كان محاربا إسرائيليا في حرب 1973، وأخرج من حقيبته سترة قديمة للمجند سيد زكريا وخطابا لم يسعفه القدر أن يوصله لأهله. وقال المحارب اليهودي إن البطل سيد زكريا تسبب في تدمير 3 دبابات وقتل طاقمهم المكون من 12 جندياً، ثم قضى على سرية مظلات بها 22 جندياً.
واستطرد الرجل في الحديث قائلاً: قام المجند سيد وأحد زملاؤه بالاشتباك مع مجندين إسرائيليين يحرسون 3 دبابات، فقضوا عليهم ثم قاما المجندين بإطلاق النار على طاقم الدبابة المكون من 12 جندياً حتى قتلوهم جميعا، مما جعل القوات الإسرائيلية ترسل طائرة مظلات فقام المجند البطل بإصابة الطائرة بقذيفة موجهة جعلت الجنود يقفزون واحداً تلو الآخر والمجند يلتقطهم بالرصاص، حتى أسقطهم جميعاً صرعى.
بعدها أرسل الجيش الإسرائيلي كتيبة صاعقة مكونة من 100 جندي وطائرة هيلوكوبتر لمحاصرة المجموعة المتبقية من المصريين، وأرسلوا نداءات للاستسلام لكن قائد المجموعة وقتها رفض التسليم فاستشهد وباقي مجموعته، وبقى على قيد الحياة سيد زكريا ومجند آخر. ظل المجندان يقاتلان حتى استشهد احدهم وبقى سيد يحارب وحده ليلا حتى ظن الأعداء أنهم أمام كتيبة كاملة، بعدها تسلل جندي إسرائيلي لسيد من الخلف وأطلق على ظهره دفعة من الرصاص فأوقعه شهيدا.
حينها لم يصدق أنه انتصر على ذلك البطل الملحمة وتساءل بينه وبين نفسه ما كل هذه البطولة، بعدها احتفظ بمتعلقات الجندي الجسور، وقام بدفنه إكراما لشجاعته ثم اطلق في الهواء 21 طلقة كتحية عسكرية تضرب لكبار العسكريين المقاتلين، وبعد مرور أعوام من الاحتفالات شعر المجند اليهودي الذي أصبح رجل اعمال في ألمانيا بالتقصير في حق هذا البطل ودفن حكايته رغم بسالتها، فقرر أن يذهب لمقابلة السفير المصري ويسلمه متعلقات البطل المصري ويطلب منه تكريم ذكراه
وقد جاء نص رسالة الشهيد التي كتبها لأخيه وكانت من ضمن متعلقاته التي سلمها المجند الإسرائيلي
” أخي العزيز أحمد زكريا خليل، تحية طيبة وبعد:
إنني أكتب لك هذه الرسالة وأنا في ظروف غير عادية، أما إذا أصبحت شهيدا فلا تحزنوا علي أبدا لأني سأكون في منزلة عند الله لا يصل إليها أحد إلا الأنبياء، وقال الله في كتابه العزيز “ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون” صدق الله العظيم، وهذا مرادي من الله عز وجل، وهذا ما اتمناه طوال حياتي، ملحوظة: احتفظوا بهذه الرسالة ربما تكون الأخيرة مني لكم والله أعلم.
وبركن خاص بالقاعة المخصصة لسلاح الصاعقة بالدور الثانى بالمتحف الحربى بالقلعة علقت لوحة نحاسية نقش عليها وجه البطل , وأسفلها طاولة عرض زجاجية بها متعلقات البطل التى سلمها الدبلوماسى الأسرائيلى وهى عبارة عن : بطاقة عسكرية لتحقيق الشخصية , ومبلغ مالى عبارة عن ورقة فئة الجنيه , و3 ورقات فئة العشرة قروش , وقطعة معدنية فئة العشرة مليمات , وحوالة بريدية مرسلة لأهله بمبلغ 18 جنيهاً وخمسين مليماً , وتلغرافاً به عنوان المرسل إليه الحوالة , والعنوان هو : الأقصر – أبو الحجاج – نجع الخضرات . وكذلك خطابان أحدهما من أخيه محمود الذى يكبره سناً , وكان أيضاً مجنداً بالقوات المسلحة فى تلك الفترة , وإن كان قد سبقه بتاريخ التجنيد يخبره فيه بموعد أجازته الميدانية وتمنياته أن توافق فى جزء منها أجازة أخيه لكى يتقابلا خلالها . أما الخطاب الآخر فقد كتبه سيد ليرسله إلى أخيه محمود يوصيه فيه باخوته البنات , ويطلب من أسرته ألا تحزن إن أصابه مكروه, خلال الحرب الوشيكة , وعلو منزلة الشهيد عند ربه , كما أرسل سلامه لجميع أفراد عائلته .. ولكن للأسف تأخر وصول هذا الخطاب لمدة 22 عاماً كاملة حيث حالت ظروف الحرب دون إرساله , وظل داخل حافظته مع الجندى الاسرائيلى حتى سلمها للسفارة المصرية فى برلين عام 1995م. إلى أن عرض بركنه بالمتحف الحربى عقب ذلك.
بالاضافة إلى ما سبق أحتوت الحافظة على تصريح أجازة بأسمه من يوم 18/9/1973حتى حتى يوم 25/9/1973.
ثم تلغراف من وحدته تطالبه بقطع أجازته وتسليم نفسه لوحدته يوم 24/9/1973م ( وذلك لظروف بدء مناورة الخريف التى تمت العمليات الحربية تحت سترها) .
ثم حافظة جلدية سوداء مقلمة بخطوط بيضاء كانت تضم هذه المحتويات.
وعندما علمت وسائل الإعلام العربية والأوروبية بحكاية ابن الصعيد المصري فأطلقوا عليه لقب (أسد سيناء) ومنحه الرئيس مبارك نوط الشجاعة من الدرجة الأولى، ووسام نجمة سيناء، وهو أعلى وسام عسكري بالقوات المسلحة لمن يؤدي أعمالا خارقة في القتال المباشر مع الأعداء علي مسرح الحرب.
رحم الله الشهيد البطل الذي ظل طوال السنوات الماضية رمزا للبطولة والشجاعة وأيقونة فخر لأهله وبلده .