حفل غنائي أم درس خصوصي ؟
يتم فتح باب الحجز ابتداءً من شهر يونيو تقريباً ويتسابق الطلاب علي سرعة الحجز تخوفاً من اكتمال العدد على حسب ما يقال لهم من القائمين على ذلك، ولم يكن هذا سوى إدعاء كاذب بغرض جذب أكبر عدد من الحجوزات وما على الطالب إلا الخضوع للأمر وتأكيد عملية الحجز بمبلغ ما حتى يضمن أنه قد حجز مقعده مع هذا المدرس !
نعم، إنها عملية حجز الدروس الخصوصية لطلبة الثانوية العامة التي تقوم بها المراكز كل عام في نفس التوقيت، حيث يتبع مدرسي المراكز أسلوب ترويج لأنفسهم يجعل كل منهم أشبه بكونه نجم سينيمائي وليس مدرس دروس خصوصية !!
فلك أن تتخيل أن هذا يحدث عندنا كل عام مع بداية السنة الدراسية الجديدة من قبل مراكز الدروس الخصوصية وكأنه حفل غنائي لمطرب مشهور، حتي أنه قد يصل بهم الأمر إلى إبلاغ الطالب بالفعل أنه قد تم غلق باب الحجز!!!
لم ينتهي الأمر إلي هنا ، حيث يتم إلزام الطالب عمل تصريح يقوم بإبرازه عند دخوله المركز ويتكلف عمل هذا التصريح رسوم تختلف قيمتها تبعا لاختلاف المنطقة الواقع بها المركز، وهذا يختلف عن تصريح آخر يتم استخراجه أيضاً بنفس القيمة ولكن هذا الأخير يكون للمادة الدراسية الذي يأخذ لها الدرس مع المدرس الفلاني وهكذا لكل مادة !!!
دعني اخبرك عزيزي القارئ بالمزيد في جولة سريعة لحياة طلبة الثانوية العامة. حيث يبدأ الطالب حصصه بالدرس المقرر له أن يبدأ بالطبع قبل ميعاد بداية الدراسة الرسمي بشهر أو شهرين علي الأقل، ويبدأ كل مدرس بمطالبتهم بشراء كتابه والذي بدونه لا يستطيع دخوله الحصة القادمة ويتكلف الكتاب مبلغ وقدره، ونجد أنه قد تم استحداث أساليب جديدة في عالم الدروس الخصوصية؛ فكل مدرس الآن أصبح له منصة إلكترونية يجب على الطالب أيضا التسجيل عليها والاشتراك بها ولا داعي أن أخبرك بأن الاشتراك أيضاً له رسوم ! وليس على الطالب سوى التسليم للأمر وتنفيذ كافة الإجراءات المطلوبة منه حتى لا يتم منعه من الدخول للمركز !!!
هذه المنصات يتم رفع مقاطع فيديو عليها لشرح أسئلة الواجب التي اصبحت تعتمد على الفهم والاستنتاج بموجب النظام التعليمى الجديد (البابل شيت).
واستكمل لك عزيزي القارئ عن بعض القوانين الموازية التي تضعها تلك المراكز، ففي حال تغيب طالب عن حصة ما فعليه أن يقوم بتعوضيها في مركز آخر وإلا قد مُنع من الحضور طوال العام!!! حتى وإن استطاع الطالب استذكار المادة العلمية بمفرده، لكن هذا من شأنه أن يقف عليهم بخسارة فهو لم يدفع قيمة الحصة فكيف له أن يفهمها بمفرده !!
تلك هي دورة حياة طالب الثانويه العامه الذي يتغيب كليا عن المدرسة ويضع نفسه تحت سلطة هذه المراكز بشكل اجباري في ظل تغيب دور الوزارة وكأنها قد أزالت عبء تعليم تلك المرحلة من عليها.
وهذا هو ما خلفه النظام الجديد والذي كان من المفترض أنه تم تطبيقه لمحاربة الدروس الخصوصية لكنه قد أعطي نتيجة عكسية زادت من سلطة مدرسي المراكز الذين غالبيتهم غير مقيدين بالتربية والتعليم ويمارسون المهنة من باب التجارة.
ممارسة الضغط النفسي على الطلبة وازدياد العبء المادي على الأهالي، وتفاقم سلطة تلك المراكز التي اصبحت بمثابة مؤسسات موازية، ناهيك عن التعامل الغير آدمي مع الطلبة من جانب ما يسمون أنفسهم مساعدى المدرس – لم نتطرق له بالتفصيل – في أماكن كانت منذ وقت ليس ببعيد نطلق عليها ( مراكز تحت بئر السلم) أصبحت هي المحتكرة لعملية تعليم الصف الثالث الثانوي. فمتي ينتهي هذا العبث !