الدكرورى يكتب عن التدخين وأضراره على الفرد والمجتمع “جزء 1”
بقلم / محمــــد الدكـــــرورى
التدخين وأضراره على الفرد والمجتمع “جزء 1”
إن الإنسان الذي يسعى للحصول على حياة صحية سليمة وخالية من أي مرض، ويجب عليه الإقلاع عن عادة التدخين، واتباع كافة الطرق والوسائل التي تساعده على التخلص من هذا الوباء المدمر لحياته، وإن هذه الأمة التي اختار لها الله تعالى أن تكون أمة طيبة، طاهرة، نقية تقية، منزهة عن كل خبث وفساد وقبح وقذارة، هذه الأمة التي أرادها الله كذلك قد ابتليت بكثير من الأمراض الخبيثة والعلل القبيحة والعادات السيئة والظواهر الفاسدة، وكأنها قد عمي بصرها عن قوله تعالى “ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب” ولعل ظاهرة التدخين تعتبر أكثر الظواهر والعادات انتشارا بين أفراد الأمة، حيث أصبحت متفشية بين أفراد المجتمعات على اختلاف مستوياتهم وأعمارهم صغارا وكبارا، رجالا ونساء، شيبا وشبابا، مثقفين وأميين، فقراء وأغنياء.
ولم ينج من هذه البليّة إلا من غلب الإرادة على الهوى، والعقل على العاطفة، والمصلحة على المفسدة، ولايختلف اثنان من العقلاء في أن التدخين بجميع أنواعه خبث من الخبائث، مُضر بالنفس والبدن، هالك للصحة، مضيع للمال، مفسد للأخلاق، مخرب للبيوت، مشتت للأسر، وقد اتفق العلماء على أن التدخين فحش من الفواحش التي وجب الابتعاد عنها امتثالا لأمر الله تعالى الذي يقول في محكم التنزيل كما جاء فى سورة الأنعام “ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن” وقال الله تعالى في ” قل لا يستوى الخبيث والطيب ولو أعجبك كثرة الخبيث فاتقوا الله يا أولى الألباب لعلكم تفلحون” فمن حكمة الله تعالى أن خلق المتضادات في هذه الحياة، من الطيب والخبيث، والصالح والفاسد، والمؤمن والكافر، والضار والنافع، ليتم الابتلاء والامتحان للعباد.
ففي هذه الآية الكريمة نفي المساواة بين الخبيث والطيب ” قل لا يستوى الخبيث والطيب” وهذا يشمل الخبيث من الأشخاص، والخبيث من الأعمال، والخبيث من الأقوال، والخبيث من الأموال، والخبيث من المآكل والمشارب، فلا يستوي الخبيث والطيب من هذه الأشياء ولا من غيرها، فلا يستوي الخبيث والطيب من الأشخاص، وأن تناول الطيبات من المآكل والمشارب له تأثير طيب على القلب والبدن والسلوك، وكذلك تناول الخبائث من المآكل والمشارب له تأثير سيئ على القلب والبدن والسلوك، فقال الله تعالى فى سورة المؤمنون ” يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا إنى بما تعملون عليم” وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” إن الله تعالى طيب ولا يقبل إلا طيبا، وإن الله تعالى أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين.
فقال تعالى فى سورة البقرة ” يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم واشكروا لله إن كنتم إياه تعبدون” ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر، يمد يديه إلى السماء، يا رب يا رب، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، فأنى يستجاب له” رواه مسلم، وإن التدخين خبيث بكل ما تحمله الكلمة من معنى، خبيث في الرائحة، خبيث في الآثار على الإنسانِ عموما، لو عاد الإنسان إلى عقله وفكر وتأمل، وأما ضرره على البدن، فإنه يضعف البدن، ويضعف القلب، ويحدث مرض السرطان والسلّ والسعال، ويفضي إلى الموت، فكم من إنسان أنهك جسمه، وأفسد صحته، وقتل نفسه بما تعاطاه من هذا الدخان، ولا تغتروا بما يُرى من بعض الناس الذين يشربونه وأجسامهم سليمة، فإن هؤلاء المدخنين ليسوا بحسب مظهرهم.
واسألهم ماذا يحدث لهم من قلة الشهية، وكثرة السعال، والنزلات الصدرية، والفتور العام، حتى في علاقته الجنسية مع زوجته، مما جعل التدخين سببا ضمن قائمة أسباب ظاهرة الطلاق، والتعب الشديد عند أقل عمل وكلفة، وأما عن آثار التدخين على الفرد من الناحية الدينية، فقد قال الله عز وجل فى سورة المائدة ” إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء فى الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون” فذكر الله تعالى أن من أسباب تحريم الخمر والميسر الصد عن الذكر وعن الصلاة، وهذه العلة هي متحققة أيضا في الدخان، لأن شاربه في العادة يهرب عن حلق الذكر، والقراءة ويألف اللهو، والباطل عادة، وهو غالبا من أكسل الناس عن الصلاة, وأبعدهم عن حضور المساجد إلا ما شاء الله.