أخبار سياسية - اقتصادية - فنية - رياضية - عربية - دولية

مرضعة الرسول حليمة السعدية ” جزء 1″

الدكرورى يكتب عن مرضعة الرسول حليمة السعدية ” جزء 1″
بقلم / محمـــد الدكـــــرورى

مرضعة الرسول حليمة السعدية ” جزء 1″

لقد كانت العادة عند العرب قديما أن يلتمسوا المراضع لأولادهم، ابتعادا لهم عن أمراض الحواضر، وذلك حتى تقوى أجسامهم، وتشتد أعصابهم، ويتقنوا اللسان العربي في مهدهم، ولذلك التمس عبد المطلب لرسول الله محمد صلى الله عليه وسلم الرضعاء، فاسترضع له امرأة من بني سعد ابن بكر، وهي حليمة السعدية، وكان زوجها هو الحارث بن عبد العزى المكنى بأبي كبشة، من نفس القبيلة، وحليمه السعديه هي بنت أبي ذؤيب، وأبو ذؤيب هو عبد الله بن الحارث من قبيلة بني سعد بن بكر من بادية الحديبية بالقرب من مكة، ورجّح العلماء إسلامها، وهو قول أغلبية العلماء، فقالوا أنها أسلمت هي وزوجها وعُدّت من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

فقد ذكرها أبو القاسم الطبراني في معجمه مع النساء اللواتي روين أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقدمت حليمة ابنة الحارث إلى النبي صلى الله عليه وسلم بعدما تزوج خديجة فشكت إليه جذب البلاد، فكلم خديجة فأعطتها أربعين شاة وبعيرا، ثم قدمت عليه بعد النبوة فأسلمت وبايعت وأسلم زوجها الحارث، وعن عبد الله بن جعفر رضي الله عنهما قال لما ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم قدمت حليمة بنت الحارث، في نسوة من بني سعد بن بكر يلتمسون الرضعاء بمكة قالت حليمة فخرجت في أوائل النسوة على أتان لي، قمراء ومعي زوجي الحارث بن عبد العزى، أحد بني سعد بن بكر، ثم أحد بني ناضرة، قد أدمت أتاننا، ومعي بالركب شارف والله ما تبض بقطرة لبن.

في سنة شهباء قد جاع الناس حتى خلص إليهم الجهد، ومعي ابن لي، والله ما ينام ليلنا، وما أجد في يدي شيئا أعلله به، إلا أنا نرجو الغيث وكانت لنا غنم، فنحن نرجوها فلما قدمنا مكة فما بقي منا أحد إلا عرض عليها رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم فكرهته، فقلنا إنه يتيم، وإنما يكرم الظئر ويحسن إليها الوالد، فقلنا ما عسى أن تصنع بنا أمه أو عمه أو جده، فكل صواحبي أخذت رضيعا، فلما لم أجد غيره، رجعت إليه وأخذته، والله ما أخذته إلا إني لم أجد غيره، فقلت لصاحبي والله لأخذن هذا اليتيم من بني عبد المطلب، فعسى الله أن ينفعنا به، ولا أرجع من بين صواحبي ولا آخذ شيئا، فقال قد أصبت، قالت فأخذته، فأتيت به الرحل، فوالله ما هو إلا أن أتيت به الرحل.

فأمسيت أقبل ثدياي باللبن، حتى أرويته، وأرويت أخاه، وقام أبوه إلى شارفنا تلك يلمسها، فإذا هي حافل فحلبها، فأرواني وروي، فقال يا حليمة، تعلمين والله لقد أصبنا نسمة مباركة، ولقد أعطى الله عليها ما لم نتمن، قالت فبتنا بخير ليلة، شباعا، وكنا لا ننام ليلنا مع صبينا،ثم اغتدينا راجعين إلى بلادنا أنا وصواحبي، فركبت أتاني القمراء فحملته معي، فوالذي نفس حليمة بيده لقطعت الركب حتى إن النسوة ليقلن أمسكي علينا، أهذه أتانك التي خرجت عليها ؟ فقلت نعم، فقالوا إنها كانت أدمت حين أقبلنا فما شأنها؟ قالت فقلت والله حملت عليها غلاما مباركا، قالت فخرجنا، فما زال يزيدنا الله في كل يوم خيرا، حتى قدمنا والبلاد سنة، ولقد كان رعاتنا يسرحون ثم يروحون، فتروح أغنام بني سعد جياعا.

وتروح غنمي بطانا ، حفلا فنحلب، ونشرب، فيقولون ما شأن غنم الحارث بن عبد العزى، وغنم حليمة تروح شباعا حُفلا، وتروح غنمكم جياعا، ويلكم اسرحوا حيث تسرح غنم رعائهم، فيسرحون معهم، فما تروح إلا جياعا كما كانت، وترجع غنمي كما كانت، قالت وكان يشب شبابا ما يشبه أحد من الغلمان، يشب في اليوم شباب السنة، فلما استكمل سنتين أقدمناه مكة، أنا وأبوه، فقلنا والله لا نفارقه أبدا ونحن نستطيع، فلما أتينا أمه، قلنا والله ما رأينا صبيا قط أعظم بركة منه، وإنا نتخوف عليه وباء مكة وأسقامها، فدعيه نرجع به حتى تبرئي من دائك، فلم نزل بها حتى أذنت، فرجعنا به، فأقمنا أشهرا ثلاثة أو أربعة.