الدكرورى يكتب عن نبي الله يوسف علية السلام ” جزء 20″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
نبي الله يوسف علية السلام ” جزء 20″
ونكمل الجزء العشرون مع نبي الله يوسف علية السلام، وقد تم بناء هذا القبر في العصر العباسي من قبل أم احد الخلفاء العباسيين، التي شاهدت في حلمها أن قبر نبى الله يوسف يقع في مدينة الخليل وليس في نابلس، فقامت بأعمال البحث والتنقيب عن القبر في ساحات الحرم الإبراهيمي، حيث وجد الباحثون لوح من الخشب اعتقد أنه من بقايا القبر، فقامت ببناء مقام للقبر في تلك المنطقة وأصبح رمزا دينيا يقصده الناس للعبادة والتضرع، وعلى الرغم من وجود المقام في مدينة الخليل الخاضعة لحكم السلطة الفلسطينية إلا أن الحرم الإبراهيمي والمقام خاضعان لسيطرة الاحتلال الإسرائيلي، وقد عثر أحد الباحثين الأثريين في مصر على مومياء وكانت جميع المؤشرات تشير إلا أنها تعود للنبي يوسف عليه السلام.
وبناء على ذلك قيل أن قبر النبي يوسف عليه السلام يقع في مصر لا في أي مكان آخر، وقيل أنه بعد أن انتهى نبى الله يوسف عليه السلام من محنة البئر ومعاناته فيه، انتقل إلى محنة أخرى أصعب من سابقتها، فقد عمل يوسف في بيت سيد بمصر وهو العزيز، و قد أظهر يوسف في عمله كل ما يكنه من أمانة و نزاهة و كياسة ،مما زاد من ثقة العزيز به، وأما امرأة العزيز فقد كانت لا تنجب بسبب عقم زوجها، ولما كان يوسف يتمتع بجمال باهر وحسن في الخلق والخلقة، فتنت به وأحبته حبا شديدا، وأخذت تتقرب منه وتبدي له حبها، إلا أن يوسف عليه السلام كان دائما يعرض عنها امتثالا لأوامر الله و خوفا من عصيانه، ولقد ذكر القرآن الكريم حكام مصر الأقدمين وفرق بينهم لما يذكر حكام مصر في عصر موسى عليه السلام.
لا يذكره إلا بصيغة فرعون، وذلك في أكثر من ستين آية كريمة، وأما عند ذكر حكام مصر في عصر نبي الله يوسف عليه السلام فلا يذكره إلا بلفظ الملك، وإنه لم تفرق التوراة إطلاقا بين حكام مصر في عصر نبي الله موسى وبين حكام مصر في عصر نبي الله يوسف عليهم السلام فكانت تذكرهم بلفظ الفرعون دون التفريق بينهم، وقد جاء في التوراة ” ثم قال الرب لموسى، بكر في الصباح وقف أمام فرعون وقل له هكذا يقول الرب إله العبرانيين، أطلق شعبي ليعبدوني لأني أرسل جميع ضرباتي إلى قلبك وعلى عبيدك وشعبك لكي تعرف أنه ليس مثلي في كل الأرض” وأما لما تحدث عن حاكم مصر في عهد نبى الله يوسف عليه السلام في إصحاح تكوين واحد واربعين قال ” فحسن الكلام في عيني فرعون وفي عيون جميع عبيده.
فقال فرعون لعبيده وهل نجد مثل هذا، رجلا فيه روح الله، ثم قال فرعون ليوسف بعد ما أعلمك الله كل هذا ليس بصير وحكيم مثلك، أنت تكون على بيتي وعلى فمك يقبل جميع شعبي” وإن من المتفق عليه أن نزول نبى الله يوسف عليه السلام إلى مصر وحكمه كان قبل بعثة نبى الله موسى عليه السلام بفترة طويلة، فالمصريين لم يقولوا لن يبعث الله تعالى من بعده رسولا إلا بسبب الفترة الطويلة التي جاءت بعده ولم يرسل فيها الله نبيا وهذا بعكس أنبياء بني إسرائيل الذين كان الله سبحانه يرسلهم على فترات متقاربة وبما أن بعثة نبى الله موسى عليه السلام كانت في زمن فرعون مصر وهو رمسيس الثاني، كمان تبين ذلك فلا شك أن يوسف عليه السلام كان في مصر قبل عصر الأسرة الثامنة عشرة.
أي الفترة التي كان يطلق على حكام مصر لقب الملك بغض النظر إن كان الحكام مصريين أم من الهكسوس فالكل كان يطلق لفظ ملك على الحاكم، وقد تم اكتشاف حجر يعود إلى الأسرة الثالثة وتحديا إلى عصر الملك دوسر حيث كتب عليه الملك زوسر يطلب من الآلهة رفع المجاعة التي ضربت مصر والتي استمرت لسبع سنوات، وإن الأرجح أن يكون نبى الله يوسف عليه السلام قد حكم مصر في عهد الملك زوسر أو دوسر في عصر الأسرة الثالثة لأنه جرى توثيق لهذه المجاعة على أنها استمرت لسبع سنوات كما انه تمت الإشارة إلى حاكم مصر على أنه الملك وليس الفرعون وهذا أيضا موافق للقرآن الكريم، ولقد فرق القرآن الكريم بين عصريين مهمين في التاريخ المصري وهو عصر ما قبل الفراعنة أي ما قبل الأسرة الثامنة عشرة .