الدكرورى يكتب عن نبي الله يوسف علية السلام ” جزء 17″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
نبي الله يوسف علية السلام ” جزء 17″
ونكمل الجزء السابع عشر مع نبي الله يوسف علية السلام، فسكت يوسف عليه السلام خوفا من إخوته فشروه بثمن بخس لأنهم لم يكن المال هو مايريدون، فأخذوه معهم إلى مصر ليبيعوه، وكان عزيز مصر في هذا اليوم يتجول في السوق، ليشتري غلاما له لأنه لم يكن له أولاد، فوجد هؤلاء الناس يعرضون يوسف عليه السلام للبيع، فذهب إليهم، واشتراه منهم بعدة دراهم قليلة، ورجع عزيز مصر إلى زوجته، وهو سعيد بالطفل الذي اشتراه، وطلب من زوجته أن تكرم هذا الغلام، وتحسن معاملته، فربما نفعهما أو اتخذاه ولدا لهما، وهكذا مكن الله ليوسف عليه السلام في الأرض فأصبح محاطا بعطف العزيز ورعايته، ومرت السنون، وكبر يوسف عليه السلام، وأصبح شابا قويا، رائع الحسن، وكانت امرأة العزيز تراقب يوسف يوما بعد يوم.
وازداد إعجابها به لحظة بعد أخرى، فبدأت تظهر له هذا الحب بطريق الإشارة والتعريض، لكن يوسف كان يعرض عنها، ويتغافل عن أفعالها، فأخذت المرأة تفكر كيف تغري يوسف بها، وذات يوم، انتهزت فرصة غياب زوجها عن القصر، فتعطرت وتزينت، ولبست أحسن الثياب، وغلقت الأبواب ودعت يوسف عليه السلام حتى أدخلته حجرتها، وطلبت منه أن يفعل معها الفاحشة، لكن يوسف بعفته وطهارته امتنع عما أرادت، ثم أسرع يوسف ناحية الباب يريد الخروج من المكان، لكن امرأة العزيز لم تدع الفرصة تفوتها، فجرت خلفه، لتمنعه من الخروج، وأمسكت بقميصه فتمزق، وفجأة، حضر زوجها العزيز، وتأزم الموقف، وزاد الحرج، لكن امرأة العزيز تخلصت من حرج موقفها أمام زوجها، فاتهمت يوسف بالخيانة ومحاولة الاعتداء عليها.
وشهد شاهد من اهلها وقيل انه صبيا صغيرا وقيل انه رجل حكيم كان يرافق العزيز، فالتفت الزوج إلى امرأته، ثم طلب العزيز من يوسف أن يهمل هذا الموضوع، ولا يتحدث به أمام أحد، ثم طلب من زوجته أن تستغفر من ذنبها وخطيئتها، واتفق الجميع على أن يظل هذا الفعل سرا لا يعرفه أحد، ومع ذلك فقد شاع خبر مراودة امرأة العزيز ليوسف، وطلبها للفاحشة، وانتشر في القصر وتحدث نساء المدينة بما فعلته امرأة العزيز مع فتاها، وعلمت امرأة العزيز بما قالته النسوة عنها، فغضبت غضبا شديدا، وأرادت أن تظهر لهن عذرها، وأن جمال يوسف وحسن صورته هما اللذان جعلاها تفعل ذلك، فأرسلت إليهن، وهيأت لهن مقاعد مريحة، وأعطت كل واحدة منهن سكينا، ثم قالت ليوسف عليه السلام اخرج عليهن.
فخرج يوسف عليه السلام متمثلا لأمر سيدته، فلما رآه النسوة انبهرن بجماله وحسنه، وجرحن أيديهن بالسكين قيل من الدهشة فلم يشعرن بالطرح من شدة جماله، واقتنع النساء بما تفعله امرأة العزيز مع يوسف، وكادت تحدث فتنة في المدينة بسبب عشق النساء ليوسف، فرأى القائمون على الأمر أن يسجن يوسف إلى حين، فسجنوه، وظل يوسف في السجن فترة، ودخل معه السجن فتيان أحدهما خباز والآخر ساقي، ورأيا من أخلاق يوسف وأدبه وعبادته لربه ما جعلهما يعجبان به، فأقبلا عليه ذات يوم يقصان عليه ما رأيا في نومهما، ففسر لهما يوسف رؤياهما، بأن أحدهما سيخرج من السجن، ويرجع إلى عمله كساق للملك، وأما الآخر وهو خباز الملك فسوف يصلب، وتأكل الطير من رأسه، وقبل أن يخرج ساقي الملك من السجن.
طلب من يوسف عليه السلام أن يذكر أمره عند الملك، ويخبره أن في السجن بريئا حبس ظلما، حتى يعفو عنه، ويخرج من السجن، ولكن الساقي نسى، فظل يوسف عليه السلام في السجن بضع سنين، وبمرور فترة من الزمن تحقق ما فسره لهما يوسف، وفي يوم من الأيام، نام الملك فرأى في منامه سبع بقرات سمان يأكلهن سبع نحيفات، وسبع سنبلات خضر وأخر يابسات، فقام من نومه خائفا مفزوعا مما رآه، فجمع رجاله وعلماء دولته، وقص عليهم ما رآه، وطلب منهم تفسيره، فأعجزهم ذلك، وأرادوا صرف الملك عنه حتى لا ينشغل به، لكن هذه الرؤيا ظلت تلاحق الملك وتفزعه أثناء نومه، فانشغل الملك بها، وأصر على معرفة تفسيرها، وهنا تذكر الساقي أمر يوسف عليه السلام، وطلب أن يذهب إلى السجن ليقابل يوسف عليه السلام.